الثنائي الشيعي يريد فصل إعادة الإعمار عن نزع سلاح حزب الله
بيروت - يتعمد الثنائي الشيعي إشغال الرأي العام المحلي بمسألة إعادة الإعمار لحرف الأنظار عن قضية سلاح حزب الله، مع أن الملفين متلازمان في ظل اشتراط المجتمع الدولي تقديم أي دعم للبنان بنزع سلاح الحزب الموالي لإيران. وتعرضت مناطق واسعة في لبنان لاسيما في الجنوب لدمار كبير خلال المواجهة الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل، ولا تملك الدولة اللبنانية، التي تواجه منذ سنوات أزمة مالية، القدرة على إعادة البناء، من دون مساعدة دولية.
ويروج الثنائي لخطاب مبطن مفاده أن الحكومة الحالية برئاسة نواف سلام، تماطل في إعادة إعمار المناطق التي دمرتها الحرب الأخيرة، وكأنها تتقاطع بذلك مع أجندة إسرائيل التي تريد تهجير سكان الجنوب، وهو ما يثير استغراب سلام. وذهب الثنائي الممثل في حزب الله وحركة أمل، مؤخرا حد التلويح بتعطيل تمرير موازنة العام 2026، في حال لم يتم رصد اعتمادات للإعمار.
وقال عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله، خلال احتفال تكريمي أقامه حزب الله في الذكرى السنوية لقتلى بلدة شقرا، الأحد إنّ “الحكومة لم تخصّص أي اعتماد في الموازنة العامة لإعادة الإعمار، مع أنّ هناك حلولا مرحليّة مثل الترميم الجزئي أو الترميم الإنشائي، لكنّها لم تُنفَّذ”. وأضاف فضل الله “نضم صوتنا إلى صوت رئيس مجلس النّواب نبيه بري، فمثل هذه الموازنة لن تمرّ في المجلس النيابي من دون اعتمادات واضحة لإعادة الإعمار”.
وأعلن فضل الله أنّ “حزب الله ملتزم بإنهاء ما بدأه في ملف الإيواء والترميم”، موضحا أنّ “80 في المئة من المرحلة الأولى أُنجزت، فيما سيجري استكمال المتبقّي من هذه المرحلة خصوصا في القرى الحدوديّة، رغم الضّغوط والعقوبات الأميركيّة ومحاولات الحصار المالي. وكلّ هذه الإجراءات والضّغوط لم تمنع شعبنا في السّابق من إعادة الإعمار، ولن تؤثّر على خياراتنا اليوم”.
وأكّد أنّ “التمسّك بالأرض وإعادة إعمارها، هو فعل مقاومة بحدّ ذاته، وأنّ وجود الأهالي في بلداتهم يشكّل جزءًا من التصدّي لمخطّطات العدو، في وقت لا نجد اهتمامًا من الحكومة بدعم هذا الصمود، وبعض الوزراء يتصرّفون وكأنّهم من عالم آخر، بينما يجب أن يكون وقف الاعتداءات وإعادة الإعمار أولويّة وطنيّة، وهو ما لا نراه في أداء هذه الحكومة”.
وكان رئيس مجلس النواب وزعيم حركة أمل نبيه بري قال في وقت سابق إن “الموازنة لن تمر إذا لم تكن تتضمن بندا واضحا متصلا بإعادة الإعمار”.
وقال بري إن “لا تعافي اقتصاديا في لبنان والوضع في الجنوب على هذا النحو من استمرار الاحتلال والعدوان ومن عدم مباشرة الحكومة إعادة الإعمار”، مستنكرا ما اعتبره تجاهل الحكومة لـ”أبناء القرى الحدودية في عيتا الشعب وكفركلا وحولا ويارين ومروحين والضهيرة وميس الجبل وبليدا والخيام ويارون ومارون الراس وكل قرى الشريط المدمرة، هؤلاء الذين عادوا إلى زراعة حقولهم وافترشوا منازلهم المدمرة… وكأن الجنوب ليس من لبنان!”.
ودعا الحكومة بكل وزاراتها إلى أن تكون حاضرة أقله بالحد الأدنى، كي لا يشعر أبناء الجنوب العائدون بأن الجنوب ليس جزءا من لبنان، وشدد على أن موازنة 2026 لن تمر إذا لم تكن تتضمن بندا واضحا متصلا بإعادة الإعمار، مضيفا أنه “لا يجوز تحت أي وجه من الوجوه أن تربط الحكومة ملف إعادة الإعمار بأي أثمان سياسية”.
وأثارت تصريحات بري استغراب رئيس الوزراء الذي قال “لو صحّت هذه التصريحات، أذكّركم بأنّ أوّل عمل قمت به مع عدد من زملائي الوزراء، وقبل مضي 48 ساعة على نيل حكومتنا الثّقة، هو القيام بزيارة ميدانيّة إلى صور والخيام والنبطية، للوقوف على حال أهلنا في الجنوب والاستماع إليهم”.
وذكّر سلام أيضا بأنّ “بغياب أي دعم خارجي لأسباب معروفة، وضمن إمكانيّات الدّولة المحدودة، فقد قامت وزارة الشؤون الاجتماعية بتأمين مساعدة ماليّة شهريّة إلى 67 ألف عائلة من العائلات المتضرّرة في الحرب، كما أعلنت تقديم بدل إيجار شهري لـ10 آلاف عائلة هجّرت بسبب الحرب. ناهيكم أنّ وزارات الاتصالات، الأشغال العامّة والنقل، والطّاقة والمياه باشرت بالإصلاحات الضرورية لإعادة الخدمات إلى المناطق المتضرّرة”.
وشدّد على أنّ “إضافة إلى ذلك، فقد كلّفنا مجلس الجنوب والهيئة العليا للإغاثة، بالإسراع في أعمالها، وحوّلنا لها المبالغ المطلوبة منها”، مؤكّدا أنّ “الأهم أنّ حكومتنا عملت على الحصول من البنك الدولي على قرض بـ250 مليون دولار لإعادة إعمار البنى التحتيّة المتضرّرة من الحرب. لكن الاستفادة من هذا القرض لا تزال تنتظر إقرار القانون المتعلّق به في مجلس النّواب”.
ويرى خبراء اقتصاديون أن الحكومة اللبنانية تقوم بما تستطيع في ملف الإعمار، الذي يتطلب وفق تقديرات البنك الدولي نحو 11 مليار دولار لا تستطيع الدولة تأمينها بدون دعم خارجي. ويشير الخبراء إلى أن هذا الدعم الخارجي لا يمكن الحصول عليه بدون خطوات جدية لنزع سلاح الحزب.
وقال زعيم حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الأحد إنّ “من يدعو الدّولة في وضعها الحالي وفي ظلّ المعادلة الرّاهنة إلى القيام بدورها، إنّما يُحرّف الواقع، على غرار ما قام به منذ 35 عامًا إلى اليوم”، موضحا أنّ “الدولة لن تتمكن من الاستفادة من صداقاتها العربية والغربية، قبل أن تصبح دولة فعليّة وقادرة على احتكار القرار”.
وأكّد جعجع أنّ “لا أحد مستعد لمساعدة دولة لا تحتكر قرار الحرب والسلم ولا السلاح، ولا تتولّى مسؤولية الأمن والسياسة الخارجية”، مشدّدا على أنّ “المطلوب من البعض، بدلا من ذرف دموع التماسيح يوميا، أن يسلم سلاحه للدولة اليوم وليس غدا، لتمكينها من القيام بواجبها بوقف هذه الاعتداءات، وإخراج إسرائيل نهائيا من جنوب لبنان”.