التنسيق الأمني مع طهران يضع بغداد في مواجهة واشنطن

بغداد تحاول الموازنة بين علاقاتها الإستراتيجية مع واشنطن وانحيازها المتزايد نحو طهران.
الأربعاء 2025/10/01
نفوذ إيراني متزايد

بغداد - أعلن مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي تعهده باتخاذ كافة الإجراءات لمنع تكرار خرق الأجواء العراقية من قبل إسرائيل، والتي استخدمت في السابق كمنصة لهجمات على إيران خلال حرب الأيام الـ12، في خطوة تضع مجددا بغداد في صف طهران، وفي مواجهة غير مباشرة مع الولايات المتحدة وحلفائها.

ويرى مراقبون أن التصريح جاء في سياق معقد من التوازنات الإقليمية والدولية، حيث تحاول بغداد الموازنة بين علاقاتها الإستراتيجية مع واشنطن وانحيازها المتزايد نحو طهران، لافتين إلى أن العراق، الذي لا يمتلك قدرات دفاعية جوية متطورة تمكنه من التصدي الفعلي لأي خروقات جوية إسرائيلية، يعتمد على هذا التعهد أكثر كرسالة سياسية رمزية تعبر عن رفضه أن تكون أراضيه ميدانا لاستهداف حليفته طهران.

ولا تخفي بغداد ميولها نحو المحور الإيراني، خاصة مع النفوذ المتزايد للفصائل المسلحة المدعومة من إيران داخل البلاد، والتي تلعب دورا فاعلا في توجيه السياسة الداخلية والخارجية للعراق، وهو ما يؤكد أن التعهد العراقي يأتي ليس فقط في إطار حماية السيادة الوطنية، بل كخطوة سياسية تعزز من روابط العراق بمحور المقاومة الإقليمي، وتضعه في موقف تصادمي مع الحلف الغربي بقيادة واشنطن.

المواقف الأخيرة تشير إلى تراجع التأثير الأميركي على بغداد في مقابل الضغوط المتزايدة لفصائل الحشد

وعلى الرغم من العلاقات الأمنية والعسكرية التي تربط العراق بالولايات المتحدة منذ عام 2003، إلا أن المواقف الأخيرة تشير إلى تراجع التأثير الأميركي في بغداد، نتيجة الضغوط المتزايدة من الفصائل المسلحة وتنامي الدعم الإيراني، مما يجعل من الصعب على العراق الحفاظ على توازن حقيقي بين هذين القطبين المتنافسين.

ويأتي تعهد مستشار الأمن القومي العراقي في سياق تصاعد التعاون الأمني بين بغداد وطهران، لاسيما بعد توقيع الجانبين مذكرة تفاهم أمنية في أغسطس الماضي، ركزت على تعزيز تنسيق الحدود المشتركة ومنع أي تهديدات أمنية متبادلة.

ويفهم تصريح الأعرجي في هذا الإطار كجزء من تنفيذ عملي لبنود المذكرة، خصوصا ما يتعلق بعدم السماح باستخدام الأراضي أو الأجواء العراقية للإضرار بالأمن الإيراني.

وأثار توقيع المذكرة انزعاجا كبيرا لدى الولايات المتحدة، التي تنظر إلى هذا النوع من التفاهمات بوصفه تعميقا للنفوذ الإيراني داخل المؤسسات الأمنية العراقية، وتقويضا لتوازن العلاقات بين بغداد وواشنطن.

تصريح الأعرجي يفهم كجزء من تنفيذ عملي لبنود المذكرة، خصوصا ما يتعلق بعدم السماح باستخدام الأجواء العراقية للإضرار بالأمن الإيراني

من جهة أخرى، يعد التعهد العراقي رسالة تحذير غير مباشرة لإسرائيل، مفادها أن بغداد لن تسمح بتكرار استخدام أجوائها لضرب إيران، رغم عدم توفر القدرات العسكرية اللازمة لاعتراض الطائرات أو الصواريخ الإسرائيلية المتقدمة، حيث تعتمد إسرائيل على تكنولوجيا متطورة تجعل اعتراضها شبه مستحيل بالنسبة للدفاعات العراقية الحالية، ما يحول دون تطبيق التعهد على أرض الواقع بشكل كامل.

تأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه المنطقة تصعيدا في التوتر بين إسرائيل وإيران، مع تبادل الضربات والهجمات التي كثيرا ما تتم عبر أجواء دول الجوار، مما يضع العراق في قلب هذه الصراعات دون رغبته في الانخراط المباشر بها.

وجاءت تصريحات الأعرجي خلال لقائه في العاصمة بغداد رئيس استخبارات القوات المسلحة الإيرانية مجيد مير أحمدي والوفد المرافق له، وفقا لبيان صادر عن مستشارية الأمن القومي بالعراق.

وذكر البيان أن اللقاء تناول استعراض التحديات والتهديدات الأمنية في المنطقة بشكل عام والملفات ذات الاهتمام المشترك، وإجراءات البلدين لحفظ الأمن والاستقرار بين الدولتين من منطلق حسن الجوار التي يندرج جزء منها ضمن الاتفاق الأمني الموقع بين البلدين، فضلا عن مناقشة الإجراءات الواجب اتخاذها لحفظ أمن واستقرار المنطقة.

ونقل البيان عن الأعرجي قوله إن موقف جمهورية العراق واضح وثابت من خلال رفض استخدام الأراضي العراقية كمنطلق للاعتداء على دول الجوار، ومن ضمنها الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وأكد أن العراق قدم شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل لاستخدام أجوائه في الاعتداء على إيران، مجددا التأكيد أن الحكومة العراقية ممثلة برئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني، ستتخذ كل الإجراءات اللازمة لعدم تكرار هذا الاعتداء.

1