البطء في إعادة الإعمار يبقي سوريا في دوامة عدم الاستقرار
دمشق – لم يحقق ملف إعادة إعمار سوريا التقدم المرجو رغم مرور أشهر على سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، وقيام سلطة جديدة، وسط تحذيرات أممية من أن عدم وجود تحرك دولي عاجل وفاعل، سيعني بقاء البلاد في دوامة من عدم الاستقرار، وهذا سينعكس على الوضع في المنطقة.
وأبدت الكثير من الدول استعدادها للمساهمة في إعادة إعمار سوريا، وقد اتخذت بعض الدول الخليجية بالفعل بعض الخطوات في هذا السياق، لكن الأمر يتطلب تحركا دوليا أكبر، في ظل الحاجيات “الهائلة”.
وقال الممثل المُقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سوريا روحي أفغاني، أثناء وجوده في جنيف هذا الأسبوع، “ينبغي على المجتمع الدولي حتما أن يسارع إلى إعادة إعمار سوريا.”
إعادة الإعمار تشكل أحد أكبر التحديات التي تُواجه السلطات الجديدة في سوريا، منذ وصولها إلى دمشق في ديسمبر
وأضاف “مساعدة هذا البلد على التعافي والخروج من تداعيات هذه الحرب والخروج من هذا الدمار هي من أجل السوريين، ولكن أيضاً من أجل استقرار المنطقة كلها وخيرها.”
وتشكّل إعادة الإعمار أحد أكبر التحديات التي تُواجه السلطات الجديدة في سوريا، منذ وصولها إلى دمشق في ديسمبر، بعد طي أكثر من نصف عقد من حُكم عائلة الأسد، والنزاع المدمّر الذي امتد على كامل الجغرافيا السورية.
وبدأ النزاع السوري عام 2011 عقب القمع الدامي الذي مارسه حُكم الرئيس السابق بشار الأسد ضد الاحتجاجات المُعارضة، وأسفر على مدى 14 عاما عن مقتل نصف مليون شخص، ودمار واسع في البلد وبناه التحتية.
وقدّر البنك الدولي هذا الأسبوع أن تكاليف إعادة الإعمار في سوريا قد تصل إلى 216 مليار دولار. لكن روحي أفغاني قال إنه غير قادر على تقديم رقم محدد، غير أن الحاجات هناك “هائلة”.
وروى أن مسؤولين محليين في طول سوريا وعرضها أخبروه بحاجات كبيرة جدا تتعلق بالإسكان والمدارس والمراكز الصحية، إضافة إلى الماء والكهرباء.
وتعقّد الكميات الكبيرة من الذخائر غير المنفجرة جهود رفع الأنقاض المنتشرة في كافة أنحاء البلد، بما فيها تلك الموجودة ضمن تلال الركام التي تنبغي إزالتها.
ومنذ سقوط حُكم الأسد عاد إلى سوريا أكثر من مليون لاجئ كانوا في الخارج، وعاد أيضاً نحو مليونين إلى مناطقهم، كانوا قد نزحوا إلى مناطق أخرى من البلد، بحسب أرقام الأمم المتحدة.
ومع أن هذه العودة تشكل إشارة جيدة، إلا أن المسؤول الأممي نبّه إلى “الضغط الكبير” الذي يسببه ذلك على “البنية التحتية، وعلى وسائل النقل، وعلى قطاع التعليم، وعلى الأفران.”

وحذّر من أن الضغط على البنية التحتية قد يؤدي إلى توترات اجتماعية. وأشار أيضا إلى أن ضعف البنى التحتية وقلة فرص العمل يمكن أن يحولا دون عودة سوريين كثيرين يرغبون في العودة.
وقال “توقّعنا أن تكون وتيرة العودة أكبر،” مشيراً إلى أن أغلب الذين عادوا من الخارج كانوا يعيشون في ظروف غير مريحة، ولاسيما في لبنان والأردن.
في المقابل لا تُسجّل عودة كبيرة من أوروبا، كما يقول. وأمل روحي أفغاني في أن يؤدي تسريع إعادة الإعمار إلى تحقيق الاستقرار في سوريا، ما قد يشجع الكثيرين على العودة من أوروبا.
وقال “إنهم أشخاص ذوو مهارات عالية، يمكن أن يعيدوا بناء سوريا.” وشدد على أن عودة هؤلاء يمكن أيضا أن يكون لها أثر كبير على كلّ المنطقة، من الناحية الاقتصادية، وأيضاً من منظور بناء السلام المجتمعي.