الانقسامات تنتقل إلى مربع الحركات الحليفة للجيش في السودان
دارفور - انتقلت الانقسامات إلى مربع الحركات المسلحة الحليفة للجيش السوداني، على غرار ما يحصل اليوم داخل حركة جيش تحرير السودان التي يقودها مني أركو مناوي، حاكم إقليم دارفور.
وأثر سير المعارك في دارفور لاسيما في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال الإقليم الواقع غرب السودان، على التماسك داخل الحركة.
وتقول أوساط سياسية إن هناك قيادات داخل حركة تحرير السودان غاضبة من عدم اهتمام الجيش بالفاشر، وترك الحركات المسلحة تواجه مصيرها في المدينة المحاصرة منذ أشهر من قبل قوات الدعم السريع.
ويعد إقليم دارفور العمق الجغرافي والقبلي لحركة تحرير جيش السودان، وبالتالي فإن خسارة الإقليم ستفقد الحركة المسلحة مركز نفوذها وتجردها من أي ورقة ضغط في الداخل السوداني، لتصبح مجرد مكون مرتهن للجيش.
وتلفت الأوساط إلى أن قيادات في حركة جيش تحرير السودان ترى أن الوضع الميداني وعدم تحرك الجيش بالشكل المطلوب في إسنادهم لفك الحصار عن الفاشر، يفرضان على الحركة إعادة النظر في التحالف معه ولم لا فتح قنوات تواصل مع قوات الدعم السريع قبل فوات الأوان؟
قيادات في حركة تحرير السودان تنتقد النهج الفردي الذي يتبعه مناوي والذي بات يشكل تهديدا لوحدة الحركة
وتشير الأوساط إلى أن قائد الحركة مناوي يرفض بشدة هذا الخيار، وقد ذهب بعيدا في موقفه حد إعفاء هذه القيادات، الأمر الذي دفع الأخيرة إلى الإعلان عن تشكيل هيئة قيادية ترتب لعقد مؤتمر عام للحركة، يهدف إلى عزل مناوي واختيار قيادة جديدة.
وسبق وأن أبدت قيادات داخل حركة تحرير السودان تحفظات على قرار مناوي بالانحياز للجيش في الحرب الدائرة منذ أبريل 2023، واعتبرت تلك القيادات أن القرار يعد تخليا عن التزام الحركة السابق بالحياد ودورها كقوة سلام في إقليم دارفور، خاصة بعد توقيع اتفاق جوبا للسلام في عام 2020.
لكن مناوي نجح آنذاك في استيعاب تلك التحفظات، ومع نجاح قوات الدعم السريع في السيطرة على الولايات الأربع لدارفور، وقد باتت تهدد اليوم بشكل جدي الفاشر المدينة الخامسة والأخيرة، عادت تلك التحفظات لتشق اليوم صفوف الحركة.
وأصدر مناوي، الأربعاء، قرارا يقضي بإعفاء المستشار القانوني محمود كورينا، ومستشار الشؤون الاقتصادية آدم النور، والمستشار الإعلامي مصطفى الجميل من مناصبهم في حركة تحرير السودان. وأعلن تجميد عضوية المقالين، كما أوصى بإحالتهم إلى التحقيق.
وقال مصدر في حركة تحرير السودان لموقع “سودان تربيون” إن قرارات الإعفاء التي طالت المستشارين الثلاثة جاءت لمخالفتهم اللوائح والقوانين التي تنظم عمل الحركة، وعقدهم اجتماعات مع تحالفات وأجسام معادية دون تفويض أو تكليف من قبل رئيس الحركة أو المكتب التنفيذي.
وكشف المصدر عن تلقي الحركة معلومات مؤكدة، تشير إلى أن المجموعة المقالة تعمل لصالح قوات الدعم السريع منذ الأشهر الأولى لبدء الحرب، كما أنها تعتزم الانضمام إلى تحالف “تأسيس” الذي تهيمن عليه الدعم السريع والمشاركة في السلطة الموازية.
وفي رد على ذلك، أعلن القادة الذين تم إعفائهم من الحركة في مؤتمر صحفي عُقد في العاصمة الأوغندية كمبالا، الخميس، عن تشكيل هيئة قيادية تعمل على استقطاب الموارد للتحضير للمؤتمر العام، مع الترتيب لانعقاده على أن تنتهي مهامها فور عقده خلال شهرين اعتبارا من لحظة صدور القرار.
وقالوا إن الهدف من تشكيل هيئة قيادية جديدة هو تصحيح مسار الحركة وإعادتها إلى المبادئ الأساسية التي تأسست من أجلها، مشيرين إلى أن النهج الفردي الذي يتبعه مناوي بات يشكل تهديداً لوحدة الحركة ومصداقيتها أمام قواعدها وجماهيرها.
ولفتت تلك القيادات إلى اختيار مساعد رئيس الحركة للشؤون القانونية محمود كورينا رئيسًا للهيئة القيادية، وينوب عنه المستشار السياسي متوكل محمد علي، كما تضم في عضويتها مسؤول المكاتب بدول الاتحاد الأوروبي عصام الحاج، والأمين السياسي الفاضل التيجاني، ومدير مكتب رئيس الحركة عصام كتر.
وكشف كورينا أن مجموعة من “الإسلاميين” اختطفت موقف الحركة السياسي. وأكد انحراف القيادة عن خط الحركة الثوري والدخول في حروب بالوكالة حيث أصبحت تقاتل مع الإسلاميين. ودعا كورينا إلى قيام المؤتمر العام للحركة خلال فترة لا تتجاوز 60 يوما تبدأ من الخميس.
قيادات في حركة جيش تحرير السودان ترى أن الوضع الميداني وعدم تحرك الجيش بالشكل المطلوب يفرضان على الحركة إعادة النظر في التحالف معه
واتهم الأمين السياسي للحركة، خلال حديثه في المؤتمر، بدوره مناوي بالتواطؤ والانزلاق في خطاب شعبوي وقبلي ساهم في الاحتقان والانقسام بدلا من توحيد الصف والانفراد بالقرار وارتكاب تجاوزات تنظيمية وإدارية أضرت بالخطاب السياسي والجماهيري للحركة.
وأكد التيجاني الشروع في إجراء إصلاحات مؤسسية حقيقية تعيد التوازن التنظيمي والسياسي للحركة.
وأعلن مسؤول مكاتب الحركة بدول الاتحاد الأوروبي عصام الحاج تواصلهم مع القيادات العسكرية والعمل جنبا إلى جنب لعقد المؤتمر العام.
واتهم الحاج، بحسب ما نقل موقع “سودان تربيون” مناوي باتخاذ قرار الانحياز لأحد طرفي الحرب دون الرجوع إلى مؤسسات الحركة.
وأضاف “بذلت القيادات المدنية والعسكرية للحركة جهودا مضنية لوقف هذا الانزلاق والتورط في الحرب رغم الوعود المتكررة من رئيس الحركة بتصحيح المسار، إلا أنه لم يتخذ أي خطوات عملية في هذا الجانب”.
ولفت إلى أن مطالبتهم بالإصلاح داخل الحركة بدأت منذ عام 2015 بسبب أن رئيس الحركة هو رئيسها وأمينها العام الذي يحاكم ويعين والذي ينفرد بالقرار. وتابع “مناوي رئيس للحركة منذ 20 عاما حيث آخر مؤتمر في حسكنيتة عام 2005”.
ويشهد السودان حالة استقطاب شديدة بين الجيش وقوات الدعم السريع، ويرى مراقبون أن حركة تحرير السودان هي آخر ضحايا هذا الاستقطاب لكنها لن تكون الأخيرة، في ظل حالة السيولة السياسية والعسكرية التي يعيشها البلد.