الإمارات تضغط دبلوماسيا لمنع تكرار الهجمات الإسرائيلية على الخليج
أبوظبي - استدعت الإمارات نائب السفير الإسرائيلي في أبوظبي احتجاجا على هجوم استهدف مسؤولين من حركة حماس في الدوحة، في خطوة وصفت بأنها رسالة دبلوماسية مباشرة تهدف إلى التأكيد على رفض الإمارات لأيّ عمليات أمنية أو عسكرية في دول الخليج، بصرف النظر عن أهدافها أو الأطراف المستهدفة.
وتزامنت الخطوة الإماراتية مع إعلان واشنطن الجمعة أن وزير الخارجية ماركو روبيو يعتزم زيارة إسرائيل الأسبوع المقبل، لإظهار دعم بلاده لها خاصة بعد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن حل الدولتين.
ويعكس الإجراء الإماراتي موقفا واضحا لمنع تحويل دول المنطقة وخاصة الخليجية إلى ساحة لتصفية الحسابات كما يعد تحذيرا سياسيا من تبعات تكرار مثل هذه العمليات داخل المجال الخليجي، وهي رسالة مزدوجة تحمل احتجاجا على إسرائيل ولوما للولايات المتحدة على مجاراة الصلف الإسرائيلي.
ويؤكد هذا التصعيد الدبلوماسي الإماراتي أن مسار الاتفاقيات الإبراهيمة بالنسبة إلى أبوظبي لم يكن خيارا مفروضا أو ناتجا عن ضعف، بل تعبير عن إرادة سياسية تسعى لتحقيق السلام من منظور الشراكة في حماية أمن الإقليم وليس غطاء لتخريبه. كما يشكل دليلا على أن الدول التي اختارت الانخراط في علاقات طبيعية مع إسرائيل لا تقبل بأيّ سلوك يمس بسيادتها أو يهدد استقرار المنطقة.
ويقول مراقبون إن هذه الخطوة تمثل ضغطا مباشرا على إسرائيل لضبط تحركاتها الأمنية خارج حدودها، خصوصا في الدول التي تقيم معها علاقات دبلوماسية أو شراكات إستراتيجية. وبحسب هؤلاء المراقبين فإن التصعيد الإماراتي يحمل دلالة على أن أبوظبي رغم تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، لا تمنح غطاء مفتوحا لأيّ نشاط أمني قد ينظر إليه على أنه تهديد للاستقرار المحلي أو الإقليمي.
وتحمل الخطوة الإماراتية رسالة مفادها أن الخليج ليس ساحة مفتوحة للعمل الاستخباراتي أو العسكري، وأن الحفاظ على الاستقرار فيه يمثل أولوية تتقدم على الحسابات السياسية أو الأمنية لأيّ طرف خارجي. وأعلنت الإمارات الجمعة أنها استدعت نائب السفير الإسرائيلي في أبوظبي، على خلفية الهجوم غير المسبوق للدولة العبرية الذي استهدف مسؤولين من حركة حماس في قطر.
ونفذت إسرائيل الثلاثاء ضربة غير مسبوقة في الدوحة استهدفت قادة في حركة حماس، لكن الحركة الفلسطينية قالت إن كبار مسؤوليها نجوا، فيما قتل ستة أشخاص بينهم رجل أمن قطري. وعكّر الهجوم الإسرائيلي الهدوء في منطقة الخليج التي تعتبر منطقة آمنة في شرق أوسط مضطرب، وقوبل بإدانة شديدة وتضامن من بلدان الخليج.
◙ التصعيد الإماراتي يؤكد أن السلام مع إسرائيل لا يمنح غطاء مفتوحا لأيّ نشاط أمني قد يهدد الاستقرار الإقليمي
وأشار البيان الإماراتي الجمعة إلى أن وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي ريم الهاشمي “استدعت (…) نائب السفير الإسرائيلي لدى الدولة دايفيد أحد هورساندي، وأبلغته إدانة واستنكار دولة الإمارات الشديدين للاعتداء الإسرائيلي السافر والجبان الذي استهدف دولة قطر الشقيقة، وللتصريحات العدوانية الصادرة عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.”
وأعاد البيان التأكيد على أن “هذا الهجوم المتهور يشكل انتهاكا صارخا لسيادة دولة قطر (…) وأن أيّ اعتداء على دولة خليجية يمثل اعتداء على منظومة الأمن الخليجي المشترك.” وكانت الإمارات، إلى جانب البحرين، أول دولتين خليجيتين تُطبّعان العلاقات مع إسرائيل عام 2020، لكنها أدانت مرارا أفعال إسرائيل في غزة. وتستضيف قطر المكتب السياسي للحركة الفلسطينية منذ العام 2012 بمباركة من واشنطن التي سعت للإبقاء على قناة اتصال مع حماس.
وفي مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الأميركية الأربعاء، قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إنه يأمل برد جماعي إقليمي على الهجوم، وإن مؤتمرا عربيا – إسلاميا سيعقد يومي الأحد والاثنين في الدوحة لاتخاذ قرار بشأن الخطوات المقبلة.
وأعلنت الخارجية الأميركية عن لقاء الجمعة في واشنطن بين رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو. ويعكس اللقاء رغبة أميركية واضحة في احتواء أي توتر محتمل مع الدوحة، وطمأنة الجانب القطري بأن مثل هذه العمليات لا تعكس تغيرا في التفاهمات بين البلدين، ولا تمثل تحولا في الموقف الأميركي من الشراكة مع قطر.
لكن الولايات المتحدة حريصة أيضا على استرضاء إسرائيل حيث سيجري وزير الخارجية الأميركي الأحد زيارة إلى تل أبيب بهدف طمأنتها وتأكيد دعم واشنطن الكامل في مواجهة أيّ تحرك دولي سواء على صعيد الاعتراف بالدولة الفلسطينية أو في ملفات أخرى متصلة بالنزاع. وصوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الجمعة، على مشروع قرار يؤيد “إعلان نيويورك” بشأن تنفيذ حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وقال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم يوافق على قرار إسرائيل باتخاذ إجراء عسكري، لافتا إلى أنه لم يُبلّغ مسبقا، وعندما علم، طلب من مبعوثه ستيف ويتكوف تحذير قطر على الفور، لكن الهجوم كان قد بدأ بالفعل. وكان مجلس الأمن الدولي أدان الخميس الضربات التي تعرضت لها قطر، من دون أن يأتي على ذكر الدولة العبرية بالاسم.
وفي البيان الذي يتطلب موافقة كل أعضاء المجلس، بما في ذلك الولايات المتحدة الحليفة الوثيقة لإسرائيل، أعربت الدول الـ15 عن “إدانتها للضربات الأخيرة على الدوحة، وهي أرض وسيط محوري” في جهود التوصل إلى هدنة في قطاع غزة، مؤكدة “دعمها سيادة قطر وسلامة أراضيها.”
ومنذ هجوم حماس غير المسبوق على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، وما أعقبه من حرب إسرائيلية على قطاع غزة، ظل مجلس الأمن عاجزا عن اتخاذ أيّ إجراء بسبب الاستخدام المتكرر لحق النقض وخاصة من جانب الولايات المتحدة.