الإمارات ترسم خطا أحمر لإسرائيل: ضم الضفة سيقوض اتفاقيات إبراهيم

لانا نسيبة تدعو الحكومة الإسرائيلية لوقف خططها، مؤكدة أن السلام يتطلب شجاعة، ورفضا حاسما للمتطرفين كي لا يملوا مسار المنطقة.
الأربعاء 2025/09/03
موقف إماراتي حاسم: اتفاقيات إبراهيم ليست شيكا على بياض

أبوظبي - حذرت الإمارات إسرائيل اليوم الأربعاء من أن أي ضم للضفة الغربية سيشكل خطا أحمر بالنسبة للدولة الخليجية وسيقوض بشدة ما تنطوي عليه اتفاقيات إبراهيم التي طبّعت بموجبها العلاقات مع إسرائيل.

وهذا التحذير، الذي يعد الأقوى من جانب الإمارات منذ بداية حرب غزة عام 2023، يسلط الضوء على الأهمية المتزايدة للموقف الإماراتي في المشهد الإقليمي.

وكشف لانا نسيبة مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية لرويترز عن عق الموقف الإماراتي قائلة "منذ البداية، نرى الاتفاقيات وسيلة لتمكيننا من مواصلة دعمنا للشعب الفلسطيني وتطلعاته المشروعة إلى دولة مستقلة".

وأضافت "كان هذا موقفنا في 2020، ولا يزال موقفنا حتى اليوم".

وينسف هذا التصريح الحاسم أي اعتقاد بأن تطبيع العلاقات كان يهدف إلى تجاوز القضية الفلسطينية، بل يؤكد أن الإمارات تعتبر الاتفاقيات وسيلة لتحقيق أهداف استراتيجية، منها دعم حل الدولتين.

ولم تكتفِ نسيبة بالتحذير، بل وجهت دعوة مباشرة للحكومة الإسرائيلية قائلة  "ندعو الحكومة الإسرائيلية إلى وقف هذه الخطط. لا يجوز السماح للمتطرفين، من أي نوع، بإملاء مسار المنطقة. فالسلام يتطلب شجاعة ومثابرة ورفض السماح للعنف بتحديد خياراتنا".

ولا تعكس هذه الدعوة مجرد قلق سياسي، بل هي تأكيد على أن الإمارات ترفض السماح للأيديولوجيات المتطرفة بتحديد مستقبل المنطقة. كما أنها رسالة واضحة بأن اتفاقيات إبراهيم لم تكن شيكا على بياض، وأن استمرارها يعتمد على التزام إسرائيل بمبادئ السلام والاستقرار، وليس السعي لفرض وقائع أحادية الجانب.

ويأتي الموقف الإماراتي ليؤكد أهمية الدور الذي تلعبه أبوظبي في معادلة الشرق الأوسط الجديدة، فباعتبارها من أبرز الموقعين إلى جانب البحرين والمغرب على اتفاقيات إبراهيم مع إسرائيل، التي توسطت فيها الولايات المتحدة خلال ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب، فإن أي تحذير إماراتي يحمل ثقلا سياسيا ودبلوماسيا كبيرا.

ولا يعبر هذا التحذير عن قلق الإمارات وحدها، بل يمثل أيضا إشارة إلى أن مسار التطبيع قد يواجه تحديات جدية إذا ما استمرت إسرائيل في سياساتها التي تهدد حل الدولتين.

ويعد الموقف الإماراتي بمثابة جرس إنذار، يحث إسرائيل على مراجعة مخططات الضم التي لا تضر فقط بالشعب الفلسطيني، بل تهدد أيضا استقرار المنطقة بأكملها.

وجاء التحذير الإماراتي في توقيت دقيق، حيث أعلن وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، اليوم الأربعاء عن خطط لضم 82 بالمئة من مساحة الضفة الغربية المحتلة.

وهذا الإعلان، الذي يمثل ذروة النوايا الإسرائيلية بفرض السيطرة الكاملة على الأراضي الفلسطينية، يكشف بوضوح عن الأهداف السياسية الكامنة وراء هذه الخطوة.

وخلال مؤتمر صحافي وبجانبه قادة المستوطنات في الضفة الغربية، أكد سموتريتش أن "المبدأ الأساسي لتطبيق السيادة هو أقصى مساحة من الأرض على أقل عدد من العرب"، وهي عبارة تكشف عن عقلية استعمارية تسعى لفرض السيطرة الإسرائيلية مع تجنب المسؤولية عن السكان الفلسطينيين.

وأوضح سموتريتش، وهو زعيم حزب "الصهيونية الدينية"، أن "الدور السياسي للسيادة (الضم) هو ضمان عدم قيام دولة عربية. يجب منع قيام دولة فلسطينية"، مما يؤكد أن الهدف من الضم هو القضاء على أي فرصة لحل الدولتين.

وأضاف "لا نريد أن ندير حياة أعدائنا، ستُطبق السيادة على 82 بالمئة من الأراضي... سيواصلون إدارة حياتهم - وستكون الأرض لنا".

وتعكس هذه التصريحات التي اعتبرت أن "آن أوان الضم" رغبة الحكومة الإسرائيلية في تكريس واقع جديد على الأرض يمحو أي أفق سياسي للدولة الفلسطينية.

من جانبها، أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية الاقتحام الاستفزازي الذي قام به الوزير المتطرف سموتريتش للضفة الغربية المحتلة، معتبرة إياه "امتداد لسلسلة الاقتحامات التي يمارسها أكثر من مسؤول إسرائيلي للضفة الغربية المحتلة تندرج في إطار ارتكاب المزيد من جرائم الاستيطان والضم والإبادة والتهجير للشعب الفلسطيني".

وأكدت أن "جميع إجراءات الاحتلال أحادية الجانب غير القانونية ومخططاته لتغيير الواقع التاريخي والسياسي والقانوني القائم في الضفة المحتلة، بما فيها القدس، لن يُنشئ حقا للاحتلال في الأرض الفلسطينية المحتلة ويعتبر غير شرعي وباطل من أساسه."

وسبق أن صادقت إسرائيل على مخططات استيطانية تضرب مساعي تجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض، وسط تنديد فلسطيني وعربي بقرار جديد يفصل القدس الشرقية عن الضفة الغربية المحتلة.

وقبل أيام، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الحكومة تدرس سبل مواجهة الاعتراف بدولة فلسطين، وإمكانية مواجهة تصعيد محتمل في الضفة الغربية.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية، الجمعة، إن مجلس الوزراء المصغر (كابينت) بصدد إعداد رد من تل أبيب على الاعتراف بدولة فلسطين، بما في ذلك فرض "السيادة" في بعض مناطق الضفة الغربية.

وأضافت هيئة البث أن إسرائيل تستعد لتصعيد محتمل في الضفة الغربية في سبتمبر نتيجة الرد الإسرائيلي المرتقب على الاعتراف بدولة فلسطين.

وتكشف هذه التطورات عن التناقضات الجوهرية بين الأهداف المعلنة لاتفاقيات إبراهيم والسياسات الإسرائيلية على الأرض، مما يضع الاتفاقيات نفسها على المحك ويهدد بزيادة التوترات الإقليمية.