الأردن يواصل تأهيل شبابه لسوق العمل الرقمي

مثل هذه المبادرات النوعية تشكل أحد أهم المفاتيح لتخفيض البطالة، لأنها تفتح المجال أمام الشباب للعمل والإنتاج عبر مشاريعهم الخاصة.
الاثنين 2025/10/20
لا مجال لانتظار الوظيفة الحكومية 

عمان- يهدف الأردن إلى تمكين الشباب من المهارات الرقمية التي تؤهلهم لدخول سوق العمل. ولعل من أبرز التحدّيات التي تواجه البلد اليوم هي مسألة المواءمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل، إذ إن معدل البطالة لا يزال مرتفعا جدا، وقد وصل إلى ما يقارب 21.3 في المئة، وهو رقم كبير له انعكاسات خطيرة على النمو الاقتصادي والحياة الاجتماعية.
وتواصل المملكة تعزيز حضورها الإقليمي في مجال التجارة الإلكترونية من خلال مبادرات وطنية نوعية تندرج في إطار التحول الرقمي وتعزيز الاقتصاد المعرفي.

وأكد رئيس الأكاديمية الدولية للتجارة الإلكترونية واللوجستيك إيهاب أبودية أن الأكاديمية التي تعمل تحت مظلة البريد الأردني، تسعى إلى تمكين الشباب وتأهيلهم بمهارات متقدمة في مجالات التجارة الإلكترونية والخدمات اللوجستية، بما يتوافق مع التوجهات الوطنية نحو التحول الرقمي ويعزز مكانة الأردن كمركز إقليمي في هذا المجال الحيوي.

سلامة الدرعاوي: مثل هذه المبادرات النوعية تشكل أحد أهم المفاتيح لتخفيض البطالة

وأشار في تصريح لوكالة الأنباء الأردنية إلى أن التسجيل في برامج الأكاديمية متاح عبر صفحاتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي أو بزيارة مقرها في منطقة العبدلي – عمان، إذ تتراوح رسوم البرامج التدريبية بين 75 و300 دينار بحسب مدة الدورة ونوعها، مبينا أن الأكاديمية تعمل بالشراكة مع وزارة الشباب وعدد من الجهات المانحة لتوفير منح تغطي التكاليف التدريبية للمشاركين من المناطق الأقل حظا.

وقال أبودية إن الأكاديمية تركز على إعداد كوادر قادرة على الانخراط في سوق العمل الرقمي من خلال توفير تدريب متخصص يجمع بين المعرفة النظرية الحديثة والمهارات التطبيقية العملية، التي تمكن المتدرب من تنفيذ مشاريع حقيقية خلال فترة التدريب.

وأضاف أن هذه البرامج تهدف إلى دعم العمل الحر وتخريج شباب قادرين على إطلاق مشاريع رقمية مستقلة أو تطوير أعمال قائمة عبر التحول الرقمي، إلى جانب بناء جيل متخصص في التجارة الإلكترونية والتسويق الرقمي، ما يسهم في تسريع وتيرة التحول الرقمي في الأردن.

وأوضح أن الأكاديمية ترتبط بشراكات مع عدد من الجهات الحكومية، منها وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة وصندوق التنمية والتشغيل، ما يسهم في تمويل بعض البرامج التدريبية وربط المتدربين بفرص دعم حكومي أو مشاريع تمويلية.

ولفت إلى أن إحدى الدورات التي تقدمها الأكاديمية، وتمتد لثلاثة أشهر، ممولة من مشروع “الشباب والتكنولوجيا والوظائف” وتدار من قبل جمعية المهارات الرقمية (دي.جي سكيلز) بالتعاون مع وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة.

وأكد أن وجود الأكاديمية تحت مظلة البريد الأردني يمنحها بعدا تكامليا مع القطاع البريدي واللوجستي الرسمي، ما يتيح للخريجين فرصا مباشرة للالتحاق بمؤسسات الشحن والتوصيل أو بالمشاريع اللوجستية التي تحتاج إلى كوادر مؤهلة ومتمكنة.

وقال المتدرب أحمد عليوة، الحاصل على درجة الماجستير في المحاسبة وأحد المنتفعين من دورات الأكاديمية الدولية للتجارة الإلكترونية واللوجستيك، إن انخراطه في أحد برامج التدريب المتخصصة بالتجارة الإلكترونية ساعده على اكتساب المعرفة والخبرة اللازمة للبدء في هذا المجال، ما مكنه من إطلاق مشروعه الخاص وتحقيق دخل مستقل.

وأوضح لوكالة الأنباء الأردنية أن التدريب قدم له خطوات واضحة وتطبيقا عمليا غنيا بالمعلومات، مضيفا “اكتسبت ثقة كبيرة من خلال البرنامج، واليوم لدي مصدر دخل خاص أنشأته من الصفر”.

وأشار إلى أن استخدام أدوات التسويق الإلكتروني والترويج الاحترافي للمنتجات كانا من أبرز الجوانب التي ساعدته على التميز.

◄ الأكاديمية ترتبط بشراكات مع عدد من الجهات الحكومية، منها وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة وصندوق التنمية والتشغيل

وتابع “تعلمت كيف أسوق لمنتجاتي على مستوى عالمي وأعرضها بطريقة احترافية، ما أحدث فرقا كبيرا في النتائج”.

ودعا عليوة الشباب إلى خوض تجربة التجارة الإلكترونية، مؤكدا أن الأكاديميات التدريبية توفر قاعات مجهزة ومدربين أصحاب خبرة طويلة.

ونصح الراغبين في دخول هذا المجال بالالتزام بالشفافية والمصداقية في عرض المنتجات، محذرا من أن أي مخالفة قد تؤدي إلى إغلاق الحسابات.

كما أشار إلى إمكانية البدء دون رأس مال، من خلال التعاون مع محال الحرف اليدوية أو التحف وعرض منتجاتهم على المتاجر الإلكترونية.

بدوره، قال الكاتب الاقتصادي سلامة الدرعاوي إن مثل هذه المبادرات النوعية تشكل أحد أهم المفاتيح لتخفيض البطالة، لأنها تفتح المجال أمام الشباب للعمل والإنتاج عبر مشاريعهم الخاصة، بدلا من انتظار الوظيفة الحكومية.

وأضاف أن المشاريع الريادية، خصوصا في مجالات التجارة الإلكترونية والخدمات اللوجستية، تمثل اليوم رافعة اقتصادية حقيقية قادرة على استيعاب الشباب المؤهلين، مشيرا إلى أن الأكاديمية الدولية للتجارة الإلكترونية واللوجستيك نموذج واضح على هذا التوجه الجديد القائم على تمكين الشباب وتأهيلهم لسوق العمل الرقمي.

وأوضح أن نجاح مثل هذه المبادرات يسهم في تحويل الطاقة البشرية إلى قيمة اقتصادية مضافة، ويوفر وظائف غير تقليدية نابعة من السوق نفسه، وهو ما ينعكس تدريجيا على خفض معدلات البطالة ورفع نسب التشغيل الذاتي.

وكانت وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، قد وضعت على ذمة الشباب برنامج منحة “تنمية المهارات الرقمية والتوظيف”، المندرج ضمن مشروع “الشباب والتكنولوجيا والوظائف” بما يجسد التزامها بتمكين الشباب بالمهارات الرقمية التي تؤهلهم لدخول سوق العمل.

وأوضحت أن البرنامج الذي يمتد من 3 إلى 6 أشهر، يزود المشاركين بالمهارات الرقمية المطلوبة في سوق العمل، من خلال مسارات تدريبية متخصصة تقدم عبر شركاء موثوقين في مختلف أنحاء الأردن، ويكسبهم معرفة عملية مرتبطة بالقطاع، تمكنهم من الحصول على فرص عمل حقيقية في الاقتصاد الرقمي.
كما يحرص برنامج “تنمية المهارات الرقمية والتوظيف” على التنسيق المباشر والمستمر مع شركات ومؤسسات من مختلف القطاعات لفتح فرص عمل حقيقية أمام الخريجين، وذلك من خلال تنظيم معارض توظيف دورية تربط الخريجين مباشرة بالشركات الباحثة عن الكفاءات الرقمية والمهارات التقنية، وعقد جلسات وورش عمل تجمع الخريجين بممثلي الشركات لفتح قنوات حوار مباشرة واستكشاف الفرص الوظيفية والتدريبية، بالإضافة إلى إبرام شراكات إستراتيجية مع القطاع الخاص، ودعم التوظيف بعد التخرج.