اعتقال المشاركين في "أسطول الصمود": إسرائيل لا تعير الضغوط الدولية اهتمامًا

مخاوف من احتجاز طويل الأمد للنشطاء قبل ترحيلهم إلى بلدانهم.
الجمعة 2025/10/03
انتهت المهمة قبل الوصول إلى غزة

القدس - أعلنت السلطات الإسرائيلية توقيف المشاركين في “أسطول الصمود” الذي انطلق من أوروبا في محاولة رمزية لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، ما يؤكد أن تل أبيب لا تعير أي اهتمام للضغوط الدولية وسط مخاوف بشأن مصير 500 ناشط مشارك في الأسطول وما إذا كان سيتم ترحيلهم مباشرة كما حدث سابقا أم سيقع احتجازهم لفترات طويلة في السجون أو مراكز الإيقاف الإسرائيلية.

ورغم الضغط السياسي لم تظهر إسرائيل بوادر تراجع أو تعديل في إجراءاتها وهو ما يندرج ضمن سياسة إسرائيلية ثابتة تعتبر مثل هذه المبادرات ذات طابع رمزي لا يحمل تأثيرا عمليا، وبالتالي لا يستدعي استجابة سياسية بقدر ما يتطلب حسما أمنيا.

وعلى الرغم من الطابع السلمي المعلن للأسطول، ومن مشاركة نشطاء من جنسيات مختلفة، فإن السلطات الإسرائيلية تعاملت مع الحدث بمنطق أمني صرف، دون أن تظهر ما يشير إلى وجود تقدير خاص لكلفته الرمزية أو الإعلامية.

لكن ما يلفت الانتباه هذه المرة أن التحرك جاء في وقت حساس، يتزايد فيه النقد الدولي للحصار المفروض على غزة وتتصاعد فيه المطالب الإنسانية بفتح ممرات للإغاثة والدعم. ومع ذلك، لم تتفاعل إسرائيل مع هذه المطالب كمبرر لإعادة النظر في نهجها، بل استمرت في التعامل مع الحدث بوصفه تحديا أمنيا أكثر منه دعوة لرفع المعاناة.

ورغم صدور مواقف رسمية من عدة عواصم، إلا أن فاعلية هذا الضغط بقيت محدودة في التأثير على مجريات الحادثة، حتى عندما تأتي من شركاء سياسيين أو اقتصاديين.

أردوغان: الهجوم على مدنيين يبحرون في المياه الدولية يخفي جرائم إسرائيل ضد الإنسانية في غزة
أردوغان: الهجوم على مدنيين يبحرون في المياه الدولية يخفي جرائم إسرائيل ضد الإنسانية في غزة

وأعلن وزير الخارجية البلجيكي ماكسيم بريفو الخميس أنه استدعى سفيرة إسرائيل على خلفية توقيف سبعة مواطنين بلجيكيين كانوا على متن سفن أسطول الصمود المتوجه إلى غزة والذي اعترضته البحرية الإسرائيلية.

وأوضح أمام البرلمان البلجيكي أن “الطريقة التي اعترضوا بها (…) ومكان الاعتراض في المياه الدولية أمر غير مقبول، لذا استدعيت السفيرة.”

وبدوره ندد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الخميس باعتراض القوات الإسرائيلية أسطول الصمود معتبرا أنه تصرّف “يدل مرة أخرى على وحشية إسرائيل.”

وقال أردوغان “هذا الهجوم للحكومة الإسرائيلية على مدنيين يبحرون في المياه الدولية يظهر مرة أخرى الجنون الذي يحاول من خلاله قادتها الإباديون إخفاء جرائمهم ضد الإنسانية في غزة،” و”يكشف مرة جديدة وحشية إسرائيل.”

وأطلق أردوغان هذه الانتقادات بعدما أعلنت السلطات القضائية في إسطنبول فتح تحقيق حول اعتقال مواطنين أتراك كانوا في الأسطول.

وجاء في بيان صادر عن النيابة العامة في إسطنبول نقلته وسائل الإعلام المحلية، أن السلطات القضائية ستحقق في “اعتقال 24 مواطنا تركيا بعد هجوم شنته البحرية الإسرائيلية في المياه الدولية ضد أسطول الصمود.”

وأشار البيان إلى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وأن السلطات ستحقق في “حجز حرية، واختطاف أو احتجاز وسائل نقل، والنهب، وإلحاق الأضرار المادية، والتعذيب.”

ونقلت وسائل الإعلام المحلية أن القوات الإسرائيلية أوقفت نحو أربعين مواطنا تركيا كانوا على متن الأسطول، بهدف ترحيلهم إلى أوروبا.

ودعت وزارة الخارجية البريطانية إسرائيل إلى تسليم المساعدات الإنسانية التي يحملها أسطول الصمود العالمي للمنظمات الإنسانية العاملة على الأرض لإيصالها إلى قطاع غزة.

جاء ذلك في بيان صدر عن الخارجية البريطانية، الخميس، حول الهجوم الإسرائيلي على أسطول الصمود العالمي المتجه إلى غزة.

وجاء في البيان “يجب تسليم المساعدات التي يحملها الأسطول إلى المنظمات الإنسانية العاملة على الأرض لإيصالها بأمان إلى غزة.”

وقالت الخارجية البريطانية إنها تنتظر أن يتم التعامل مع الأسطول وفقا للقانون الدولي واحترام حقوق الناشطين على متنه.

وتحاصر إسرائيل قطاع غزة منذ 18 سنة، وبات نحو 1.5 مليون فلسطيني، من أصل حوالي 2.4 مليون في القطاع، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم.

وفي 2 مارس الماضي شددت الحصار عبر إغلاق جميع المعابر المؤدية إلى غزة، مانعة المواد الغذائية والأدوية والمساعدات الإنسانية، ما أدخل القطاع في مجاعة رغم تكدس شاحنات الإغاثة على حدوده.

ومساء الأربعاء بدأ سلاح البحرية الإسرائيلي الهجوم على أسطول الصمود المتجه نحو قطاع غزة، حيث صعد جنود إسرائيليون على متن عدة سفن في محاولة للسيطرة عليها.

والخميس أعلنت إسرائيل سيطرة جيشها على جميع قوارب أسطول الصمود أثناء إبحارها باتجاه قطاع غزة، باستثناء قارب واحد قالت “إنه بعيد.”

إسرائيل تعاملت مع الحدث بمنطق أمني صرف، دون أن تظهر ما يشير إلى وجود تقدير لكلفته الرمزية أو الإعلامية

وتُعد هذه المرة الأولى التي تُبحر فيها قرابة 50 سفينة مجتمعة نحو غزة، وعلى متنها 532 متضامنا مدنيا من أكثر من 45 دولة.

وتفاعلا مع الحدث، بدأت تظهر مخاوف من احتمال تمديد احتجاز النشطاء لفترات أطول من المعتاد، خاصة في ظل تصاعد الأصوات داخل الأوساط اليمينية الإسرائيلية المطالبة بالتعامل مع المشاركين في الأسطول بوصفهم “محرضين” أو “متواطئين مع جهات معادية.”

وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إنه سيتم نقل النشطاء المحتجزين إلى إسرائيل قبل ترحيلهم، كما حدث مع محاولات كسر الحصار السابقة.

وسبق أن احتجزت السلطات الإسرائيلية بعض المشاركين في الأسطول، ومن بينهم الناشطة السويدية في مجال المناخ جريتا تونبري، عندما قاموا بمحاولة لكسر الحصار.

ولم تُتخذ إجراءات ملاحقة جنائية للنشطاء الذين احتجزتهم إسرائيل في السابق، وتعاملت مع الأمر باعتباره مسألة تتعلق بالهجرة.

وقال مركز عدالة في بيان سابق حول العملية القانونية إنه “على الرغم من أن السلطات الإسرائيلية تعرف من خلال السجلات أسماء المشاركين المتكررين في قوافل المساعدات، إلا أنها تعاملهم بشكل عام بنفس الطريقة التي يعامل بها المشاركون لأول مرة، ويخضعون للاحتجاز لفترة قصيرة ثم الترحيل.”

إلا أنه أضاف أن مسؤولين إسرائيليين، من بينهم وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير، اقترحوا في الآونة الأخيرة وضع المشاركين في الأسطول قيد الاحتجاز لفترات طويلة.

وقال المركز “هناك مخاوف جدية من أن تتم معاملة النشطاء بقسوة أكبر من تلك التي عوملوا بها في مهمات الأسطول السابقة.”

1