استثمارات الذكاء الاصطناعي تعزز التنافسية الحضرية للسعودية عالميا
الرياض - تبرز السعودية كواحدة من الدول الساعية إلى إعادة تشكيل ملامح مدنها، عبر توظيف الذكاء الاصطناعي في البنية التحتية الحضرية والخدمات العامة، في ظل التحولات المتسارعة نحو الرقمنة والابتكار التكنولوجي.
ومن خلال استثمارات إستراتيجية في هذا المجال، تسعى الحكومة إلى تعزيز موقع البلد الخليجي في المؤشرات العالمية للمدن الذكية، وتحقيق قفزات نوعية في مجالات التخطيط العمراني، والتنقل، وإدارة الموارد، وجودة الحياة.
وهذا التوجه لا يعكس فقط طموحا تقنيا، بل يأتي منسجما مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 التي تضع الابتكار في صميم عملية التنمية المستدامة والتنافسية الدولية.
وبحسب رودولف لومير، شريك أول في مجلس سياسة الأعمال العالمية ورئيس المعهد الوطني للتحولات بشبكة كيرني للاستشراف، ستساهم استثمارات السعودية في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وبنيته التحتية في صعود سريع لمدنها على مؤشرات المدن العالمية خلال السنوات العشر القادمة.
وأوضح لومير خلال مقابلة مع بلومبيرغ الشرق الثلاثاء أن انتشار هذه التقنية سيعزز ربط مدن المملكة بالعالم، ويسرع نموها، ويرفع إنتاجيتها، بما يزيد من جاذبيتها في أعين سكان العالم.
استثمارات السعودية في البنية التحتية وجذب الأعمال والأنشطة الثقافية أتت بنتائج مثمرة
وأظهر تقرير كيرني للمدن العالمية 2025، المستند إلى مؤشر المدن العالمية ومقياس النظرة المستقبلية للمدن العالمية، حجم التقدّم الكبير الذي أحرزته كل من الرياض وجدة ومكة المكرّمة والمدينة المنوّرة والدمّام، بفضل الاستثمارات الممنهجة في مجالات البنية التحتية والابتكار وتحسين جودة الحياة.
ويقيس مؤشر المدن العالمية أداء 158 مدينة وفق خمسة أبعاد رئيسية تشمل النشاط التجاري ورأس المال البشري وتبادل المعلومات والتجربة الثقافية.
ويتضمن كذلك مسألة المشاركة السياسية لتقييم قدرة المدن على جذب الأفراد ورأس المال واستبقائهما، إضافة إلى استقطاب الأفكار الإبداعية وتحفيزها.
وصعدت العاصمة الرياض على هذا المؤشر 8 مراكز إلى المرتبة الـ56 عالميا، مستفيدةً من نشاطها التجاري والثقافي المتنامي، ودورها المتصاعد كمركز للتجارة وريادة الأعمال.
كما ارتفعت مدينة جدة مركزا واحدا إلى 83 بين مدن العالم، كما سجلت مدن الدمام ومكة والمدينة مستويات أداء لافتة.
أما مقياس النظرة المستقبلية للمدن العالمية فيقدم تقييما استشرافيا يركز على الإمكانات المستقبلية للمدن وفق أربعة جوانب، هي الرفاهية الشخصية والاقتصاد والابتكار والحوكمة.
ولفت التقرير إلى قفزات نوعية لمدن السعودية الخمس على هذا المقياس، إذ صعدت الرياض 8 مراكز إلى المرتبة الـ60 عالميا، وقفزت جدة 39 مرتبة إلى المركز الـ61، كما سجلت مكة والمدينة والدمام قفزات كبيرة بواقع 40 و41 و28 مركزا على التوالي.
تقرير كيرني للمدن العالمية 2025، رصد حجم التقدم الذي أحرزته الرياض وجدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة والدمام
ونوه لومير بأن استثمارات السعودية في البنية التحتية وجذب الأعمال والأنشطة الثقافية أتت بنتائج مثمرة، وتوقع استمرار صعود مدن السعودية على مؤشرات المدن العالمية خلال الفترة المقبلة بفضل المجهودات القائمة.
ويعد الذكاء الاصطناعي التوليدي من أبرز الابتكارات التقنية الواعدة في العصر الحديث، ويأتي اليوم ليشكل ملامح مستقبل الخدمات الحكومية الرقمية باستثمارات ضخمة، وقد خصصت الحكومة للاستثمار فيه 40 مليار دولار مع توقعات بتضاعفها خلال السنوات القادمة.
وتعمل السعودية على تطوير الأساليب التكنولوجية ونقلها إلى القطاعات الاقتصادية والحكومية، وهو ما يجعلها في منافسة مع جيرانها الذين سلكوا هذا الطريق، ولاسيما دولة الإمارات التي تستثمر مليارات الدولارات في الذكاء الاصطناعي.
ووفقا لدراسة أصدرتها هيئة الحكومة الرقمية بعنوان “الذكاء الاصطناعي التوليدي في أعمال الحكومة الرقمية” مطلع أكتوبر، فإن الذكاء الاصطناعي التوليدي يُتوقع أن يُحدث نقلة في تحسين الخدمات الحكومية ورفع كفاءة الأداء العام.
وتشير تقديرات الهيئة في تقريرها إلى أن إسهام الذكاء الاصطناعي في الناتج المحلي السعودي سيصل إلى نحو 135 مليار دولار بحلول عام 2030.
وكشفت الدراسة عن تعدد التطبيقات التي استُعرضت خلالها، وشملت قطاعات حيوية كالرعاية الصحية والتعليم والنقل والطاقة والسياحة والإسكان.
ومن بين الفوائد المباشرة المتوقعة تقليل التكاليف التشغيلية من خلال أتمتة المهام المتكررة وزيادة الإنتاجية والكفاءة التشغيلية عبر تسريع الوصول إلى المعلومات وتحسين إدارة البيانات.