ابتكار جهاز يكشف كمية حليب الأم أثناء الرضاعة
 
لوس أنجلس (الولايات المتحدة) - عليكن بالرضاعة الطبيعية لتعزيز جهاز المناعة لدى أطفالكن ووقايتهم من الأمراض، هذا ما يوصي به الأطباء في مختلف أنحاء العالم، وهي توصية أكدها العلماء والخبراء حيث اتضحت الفوائد الطبية العديدة لحليب الأم، مما دفع كثيرا من الأمهات إلى العودة للرضاعة الطبيعية بعد أن انتشرت لفترة من الزمن ألبان الأطفال المصنعة.
وللتذكرة بهذه التوصية احتفل العالم بالأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية، خلال الفترة من الأول من أغسطس إلى السابع منه، بهدف الترويج للرضاعة الطبيعية التي يصفها الخبراء بأنها أفضل غذاء للأطفال الصغار. غير أن كثيرا من الأمهات خاصة الجدد منهن، غالبا ما يشعرن بالقلق من أن أطفالهن الرضع لا يحصلون على التغذية الكافية من حليب الأم، ومن أكثر المشكلات المثيرة للقلق التي تواجه الأمهات في بداية عملية الرضاعة، هي كيفية تحديد كمية الحليب التي يحتاجها الرضيع.
وذكرت صحيفة لوس أنجلس تايمز أن مجموعة من الباحثين بجامعة نورثويسترن بولاية إلينوي، ومن بينهم أم مرضعة توصلت إلى وسيلة لتبديد هذا القلق. وهذه الوسيلة عبارة عن جهاز جديد جاء نتيجة تعاون بين أطباء الأطفال والمهندسين، ويتكون من مجموعة صغيرة من الموصلات الكهربية اللاسلكية، تقيس كمية الحليب المتدفق من الأم أثناء الرضاعة.
وبدأت عملية ابتكار الجهاز الصغير منذ أربعة أعوام، مع جولة في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة، من جانب فريق من المهندسين بكلية ماك كورميك للهندسة بجامعة نورثويسترن، كرس نفسه لحل الأسئلة المتعلقة برعاية المرضى.
وكان أطباء الأطفال يريدون تقديم المساعدة لحل هذه المعضلة: الأمهات يردن معرفة كمية الحليب التي يتناولها أطفالهن الرضع، ولم تكن ثمة وسيلة لمعرفة ذلك، وفي وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة لم يكن بإمكان الأطفال الأكثر مرضا، الحصول على الرضاعة الطبيعية بشكل يكفل لهم السلامة، إلا في حالة استطاعة قياس الكمية الدقيقة من الحليب التي يتناولونها.
ويقول جون روجرز رئيس فريق المهندسين: “إنهم سألونا عما إذا كان في استطاعتنا ابتكار حل يلبي هذا الاحتياج.” ومن هنا ولد جهاز قياس كمية الحليب في الرضاعة الطبيعية، حيث يتم وضع مجموعة صغيرة من الموصلات الكهربية اللاسلكية على صدر الأم، لتقيس المتغيرات في التيارات الكهربائية لأنسجة الصدر من أجل تحديد كمية اللبن المتدفقة، ويتم نقل البيانات إلى هاتف عبر البلوتوث، حيث يمكن للأبوين مراقبة البيانات المتعلقة باستهلاك الرضيع للبن والتي تظهر على مدى فترة الرضاعة.
وأجرى الباحثون اختبارات للجهاز على 12 أما يقمن بضخ الحليب أو الإرضاع، ونشروا النتائج في مجلة الهندسة الطبيعية للطب الحيوي، ويقول روجرز إنه نادرا ما يتم التنبؤ بتدفق الحليب، فأحيانا يبدأ ببطء ثم يتزايد وفي أوقات أخرى يحصل الرضيع على فيض من اللبن منذ بداية عملية الإرضاع، ثم يأخذ في التباطؤ مع استمرار الرضاعة.
◙ عملية ابتكار الجهاز الصغير بدأت منذ أربعة أعوام لفريق من المهندسين كرس نفسه لحل الأسئلة المتعلقة برعاية المرضى
ويضيف روجرز إن “القدرة على مشاهدة البيانات على الهاتف تتيح الكثير من الاطمئنان والإرشاد، كما يعطي ذلك الأم معلومات حول مدة الرضاعة المطلوبة وما إذا كان على الأم أن تغير وضع الطفل.” كما أن هذه البيانات تخبر الآباء والأطباء، عما إذا كان يجب على الأم أن تغير الإجراءات الروتينية لعملية للرضاعة الطبيعية.
وبرغم أن الجهاز لا يزال في مرحلة التطوير وليس متاحا للجمهور، فإن جوليا سيتشيك التي غادرت المستشفى مع أول مولود لها وهو يزن أقل من خمسة أرطال، استطاعت أن تجري تجربة مع طفلها الثالث وصفتها بأنها “مغيرة لقواعد اللعبة.”
وتقول “ليس لدينا فكرة عن كمية الحليب الذي يحصل عليه الرضيع من أمه، أو ما إذا كان حليب الأم يتدفق خارجا خاصة عند الأمهات المبتدئات،” واستعانت بخبرة استشارية في الرضاعة قامت بوزن الرضيع قبل وبعد الرضعة، للتأكد من أنه يحصل على الكمية الكافية من الحليب، وهي عملية شاقة بالنسبة لها وتتطلب أن يكون لديها ميزان صغير في المنزل. وتضيف “شعرت بكثير من القلق بشأن إمكانية متابعة كمية الحليب، وبدا زوجي على وشك اللجوء إلى تركيبة الحليب الاصطناعية لتغذية الرضيع.”
وفي هذا الصدد توضح الدكتورة جينيفر ويكس، الطبيبة في وحدة الرعاية المركزة لحديثي الولادة بمستشفى لوري للأطفال في شيكاغو، والمعلمة في كلية فاينبرج للطب بجامعة نورثويسترن القريبة، أن هذه هي اللحظة التي غالبا ما تواجه فيها الرضاعة الطبيعية عراقيل.
وكانت الدكتورة ويكس ترضع طفلها أثناء مشاركتها في الدراسة، وعندما كانت تعمل في مستشفى للأطفال قالت إن الأمهات كن يأتين وهن يشعرن بالذعر بسبب أن أطفالهن الرضع لا يحصلون على ما يكفيهم من التغذية، كما يشعرن بالقلق إزاء أنهن لا ينتجن ما يكفي من الحليب، وغالبا ما يكون الأمر مجهولا لديهن تماما.”
وتوضح ويكس أن الشعور بالقلق في حد ذاته يمكن أن يحد من تدفق الحليب، وتشير إلى أن الكثير من الأمهات يبدأن في استخدام مضخات لشفط الحليب من الثدي، واستخدام تركيبة من الحليب الاصطناعي في تلك الفترة، وهذا التصرف يمكن أن يقلل بدرجة أكبر من إنتاج الحليب، مما يدفع في النهاية إلى التخلي عن الرضاعة الطبيعية.
ويعتمد ما نسبته 27 في المئة فقط من الأطفال الرضع في الولايات المتحدة، على الرضاعة الطبيعية بشكل كامل حتى عمر ستة أشهر، ووضعت مبادرة “الأشخاص الأصحاء 2030” والتي ترعاها وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية، أهدافا صحية على المستوى الوطني وتحقيق هدف نشر الرضاعة الطبيعية بنسبة 42 في المئة، وهي نسبة تعني الإقرار بأن الرضاعة الطبيعية يمكن أن تكون صعبة، وأنه ليست جميع النساء قادرات على القيام بها لأسباب عديدة. وترى الدكتورة ويكس أنه “إذا استطعنا تقريب الأمهات من هذا الهدف حتى لو بدرجة قليلة، سيجعلنا ذلك نشعر بأننا حققنا نجاحا جزئيا على الأقل في هذه المهمة.”
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
        
      
     
        
      
    