إيران تعاقب أفغانستان بسيل مفاجئ من المهاجرين المطرودين
إسلام قلعة (أفغانستان)- سرّعت الحرب الإيرانية – الإسرائيلية الأخيرة بشكل كبير من عملية طرد المهاجرين الأفغان من إيران، في ظاهرة لا يفصلها متابعون لشؤون العلاقات بين كابول وطهران عن نزعة انتقامية من قبل الأخيرة من الجارة المحكومة من قبل حركة طالبان غير المتوافقة سياسيا وأيديولوجيا وطائفيا مع النظام الإيراني، فضلا عن رواج تلميحات بين الإيرانيين إلى إمكانية تورّط عناصر أفغانية في عمليات التخريب من الداخل التي رافقت تلك الحرب.
ورغم كثرة عدد المهاجرين الأفغان داخل الأراضي الإيرانية بسبب ظروف عدم الاستقرار المتواصلة في بلدهم على مدى عقود طويلة، فإن هؤلاء لم يكونوا يوما ما مرحّبا بهم بين الإيرانيين وظلوّا باستمرار عرضة لعمليات استغلال كأيد عاملة رخيصة، كما ظلوا عرضة لاعتداءات جسدية تصل حدّ القتل، ولتقلّب مزاج السلطات التي كثيرا ما تفاجئهم بعمليات ترحيل جماعي دون مبررات واضحة، فضلا عن استخدام القوة المفرطة وحتّى المميتة ضدّ من يحاولون التسلل من أفغانستان إلى داخل الأراضي الإيرانية.
من المتوقع استئناف الترحيل بأعداد كبيرة قريبا، ذلك أنّ طهران منحت الشهر الماضي أربعة ملايين أفغاني غير شرعي مهلة حتى السادس من يوليو لمغادرة أراضيها
وكان شهر أكتوبر من سنة 2024 قد شهد مجزرة ضدّ هؤلاء المتسللين وصفتها منظمة العفو الدولية بالمروعة وذلك عندما قامت قوات الأمن الإيرانية بإطلاق النار على مجموعة منهم ما أودى بحياة ما لا يقل عن مئتين وستين فرادا.
ولإيران حدود تمتد لأكثر من 900 كيلومتر مع أفغانستان وهي تستضيف بحسب تقديرات رسمية أكثر من 2.7 مليون مهاجر أفغاني نظامي، لكنّ أرقاما أخرى متداولة في الإعلام تظهر أن وجود عدد كبير من المهاجرين غير النظاميين يرفع العدد الإجمالي للمهاجرين الأفغان في إيران إلى أكثر من ستة ملايين فرد.
وعاد خلال شهر يونيو الماضي أكثر من 230 ألف أفغاني إلى بلادهم من إيران معظمهم رحّلتهم السلطات الإيرانية قسرا بحسب ما أفادت منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة الاثنين، بعدما أمرت الجمهورية الإسلامية الملايين من الأفغان المقيمين على أراضيها بشكل غير نظامي بالمغادرة.
وقال المتحدث باسم المنظمة أواند عزيز آقا لوكالة فرانس برس بأن 233941 أفغانيا عبروا الحدود بين البلدين في الفترة بين الأول من يونيو والثامن والعشرين منه، مشيرا إلى أن أكثر من نصفهم (131912 شخصا) عادوا خلال أسبوع واحد فقط في الفترة الممتدة من 21 إلى 28 من الشهر نفسه.
وأشار إلى أنّه منذ بداية العام “عاد 691049 أفغانيا من إيران، 70 في المئة منهم أُعيدوا قسرا”.
وارتفع عدد الأفغان الذين عادوا إلى بلادهم، وبعضهم ولد في إيران أو يقيم فيها منذ فترة طويلة، بشكل كبير في الأسابيع الأخيرة. والأسبوع الماضي وحده، سجّلت عودة أكثر من 30 ألف شخص في بعض الأيام، وفقا لمنظمة الهجرة.
وانخفض هذا الرقم الآن إلى ما بين 6 آلاف و7 آلاف شخص في اليوم، وفقا للأمم المتحدة وسلطات طالبان، غير أنّ من المتوقع استئناف الترحيل بأعداد كبيرة قريبا، ذلك أنّ طهران منحت الشهر الماضي أربعة ملايين أفغاني غير شرعي مهلة حتى السادس من يوليو لمغادرة أراضيها.
والسبت، تجمّعت عائلات تحمل حقائب في مركز استقبال عند معبر إسلام قلعة الحدودي، وفقا لمنظمة الهجرة.

ويخشى هؤلاء العائدون مواجهة المزيد من الظروف الصعبة في ظل قلة فرص العمل في أفغانستان التي تشهد ثاني أزمة إنسانية في العالم، وفق الأمم المتحدة، وذلك على الرغم من الهدوء الأمني الذي تشهده حاليا.
وبينما تؤكد الأمم المتحدة أنّ الحرب الأخيرة بين إيران وإسرائيل سرّعت عمليات المغادرة، إلا أنّ المهاجرين الأفغان الذين قابلتهم فرانس برس يؤكدون أنّ خطر الترحيل كان دافعهم الوحيد.
وقال سمي الله أحمدي الذي وُلد في الجمهورية الإسلامية قبل 28 عاما إنّ في إيران “حتى لو كنت فوق الشبهات ولديك أوراق ثبوتية فإنهم لا يحترمونك إذا كنت أفغانيا”.
ويخطط هو وعائلته للتوجه إلى كابول، ولكن ليس لديهم أيّ فكرة عمّا سيجدونه في العاصمة أو إذا كانوا قادرين على كسب لقمة العيش هناك.
وتواجه السلطات الأفغانية التي لا تعترف بها أيّ دولة في العالم، والتي حرمت فعليا من جزء كبير من المساعدات الدولية التي كانت تتلقاها كابول في السابق، صعوبة بالغة في استقبال من مواطنيها العائدين. وفي الوقت ذاته، يتم ترحيل الكثير من الأفغان من باكستان المجاورة.
ومنذ نهاية العام 2023، أُجبر أكثر من مليون أفغاني على مغادرة باكستان، بينما غادر أكثر من ضعف هذا العدد إيران، نصفهم من الأطفال، وفقا للأمم المتحدة.