إيران تطمع في شمول حليفها حزب الله بثمار مصالحتها مع السعودية

مساع دبلوماسية إيرانية خلف دعوة نعيم قاسم الرياض لفتح صفحة جديدة.
الجمعة 2025/09/26
ما باليد حيلة

بيروت - تساور إيران آمال قد تكون صعبة التحقق في توسيع المصالحة التي غيرت كثيرا من طبيعة علاقتها مع المملكة العربية السعودية وأخرجتها من حالة التوتّر والمشاحنات إلى التواصل والتنسيق في عدّة مجالات، لتشمل حليفها حزب الله اللبناني أملا في إيجاد مظلة إقليمية له تسنده في تجاوز مرحلته الحالية شديدة الصعوبات بعد الضربات القاصمة التي تلقاها على يد إسرائيل والضغوط المسلطة عليه داخليا وخارجيا لنزع سلاحه.

وقال مصدران إيرانيان ومصدر مطلع على مسارات تفكير الحزب إن مساعي الجماعة الرامية إلى تخفيف الضغوط الدولية على لبنان من أجل نزع سلاحها من خلال دعوة السعودية لفتح صفحة جديدة بينهما، جاءت نتيجة جهود دبلوماسية بذلتها إيران خلف الأبواب المغلقة.

طهران قلقة من أن حليفها في لبنان قد يخسر المزيد من النفوذ بعد الانتكاسات الكبيرة التي مني بها

ودعا الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم السعودية إلى فتح “صفحة جديدة” وتنحية خلافات الماضي من أجل تشكيل جبهة موحدة ضد إسرائيل، وذلك في خطاب ألقاه الأسبوع الماضي، في خطوة اعتُبرت على نطاق واسع إشارة إلى قلق الجماعة الشيعية المدعومة من إيران من الضغوط المتزايدة على لبنان للمضي قدما في خطة نزع سلاحها.

ويشير دور إيران أيضا، الذي لم يكشف عنه سابقا، إلى قلق طهران من أن حليفها الرئيسي في لبنان قد يخسر المزيد من النفوذ بعد الانتكاسات الكبيرة التي مُني بها خلال حرب العام الماضي مع إسرائيل.

ودأبت السعودية، التي طالما اعتبرت حزب الله منظمة إرهابية تمارس نفوذا غير مبرر على لبنان نيابة عن إيران، على تأييد نزع سلاح الجماعة ولم تُبدِ أي مؤشرات على تغيير موقفها منذ دعوة قاسم.

وتثير مسألة سلاح حزب الله انقسامات كبيرة في لبنان وازدادت إلحاحا مع تصاعد الضغوط الأميركية على بيروت للإعلان عن خطة لنزع سلاح الجماعة ومع استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية على البلاد.

وتعوّل إيران في مساعيها لمصالحة الرياض مع حزب الله على تكرار نموذج المصالحة التي تمتّ بينها وبين السعودية برعاية صينية، وقد كانت، قبل أن تتم بالفعل، تعتبر بعيدة المنال بالنظر إلى تباعد الهوّة بين الطرفين والخلافات المستحكمة بينهما بشأن قضايا جوهرية يتعلق بعضها بأمن واستقرار المنطقة اللذين ظلت طهران لفترة طويلة متهمة من قبل المملكة والعديد من البلدان الإقليمية بما في ذلك بلدان خليجية بتهديدهما وزعزعتمها.

ويبدو أن الحزب نفسه يطمع بدوره في استلهام ذلك النموذج وهو ما بدا في خطاب قاسم التصالحي مع السعودية حيث قال في كلمة متلفزة بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاغتيال إسرائيل لقائد المجلس العسكري لحزب الله إبراهيم عقيل “أدعو السعودية إلى فتح صفحة جديدة مع المقاومة ضمن الأسس الآتية؛ أولا: حوار يعالج الإشكالات ويجيب عن المخاوف ويؤّمن المصالح، وثانيا حوار مبني على أن إسرائيل هي العدو وليست المقاومة، وثالثا حوار يجمد الخلافات التي مرت في الماضي، على الأقل في هذه المرحلة، من أجل التوجه للجم إسرائيل”.

ولم يخل خطاب أمين عام حزب الله من محاولة اللعب على أوتار القلق الإقليمي العام من سلوكات إسرائيل وهو قلق يشمل الرياض أيضا قائلا إن “المنطقة بأسرها أمام منعطف خطير”، ومعتبرا أن الوضع في المنطقة أصبح بعد الهجوم الإسرائيلي على قطر “مختلفا عما قبله”، حيث إن أهداف الدولة العبرية في المنطقة، من وجهة نظره “تمتد لفلسطين ولبنان والأردن ومصر وسوريا والعراق والسعودية واليمن وإيران”.

إيران تعوّل في مساعيها لمصالحة الرياض مع حزب الله على تكرار نموذج المصالحة التي تمتّ بينها وبين السعودية برعاية صينية

كما أكد أن سلاح حزبه موجه “نحو العدو الإسرائيلي فقط، لا نحو السعودية ولا نحو أي جهة في العالم، وأن هذا النهج سيستمر”.

وعلى الرغم من الإقرار بالامتعاض السعودي الشديد من تصرفات إسرائيل ومن سياسة رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو المقوضة لجهود حل القضية الفلسطينية سلميا وتنفيذ حل الدولتين الذي تتزعم الرياض العمل عليه مع المجتمع الدولي، استبعد مراقبون أن تكون للمملكة الحليفة للولايات المتحدة أي مصلحة في التقارب مع حزب الله والتماهي مع نظريته بشأن الخطر الإسرائيلي المشترك.

وقال مصدر سياسي معلقا على محاولة إيران مصالحة حزب الله مع السعودية إن الأخيرة تفرّق جيدا بين مصالحتها مع إيران التي اقتضتها مصلحة عليا للمملكة تقتضي خفض التصعيد بهدف إيجاد مناخ من التهدئة والأمان لتنفيذ مخططها التنموي بالغ الاتّساع والطموح، وبين إمكانية المصالحة مع تنظيم يحمل سلاحا غير شرعي ويمثل كيانا موازيا للدولة اللبنانية التي لطالما عملت الرياض على مساعدتها على استعادة توازنها المفقود بسبب الحزب نفسه.