إسرائيل تكثّف القصف على غزة وتدفع عشرات الآلاف إلى النزوح

عائلات الأسرى الإسرائيليين تتظاهر قرب مقر وزارة الدفاع بتل أبيب.
الأحد 2025/09/14
غزة تنتظر الدعم الإنساني

الجدل حول قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن حل الدولتين، والاحتجاجات التي تجرى في أماكن مختلفة من العالم ضد الحرب، لم تمنع الجيش الإسرائيلي من الاستمرار في قصف غزة وهدم الأبراج وإجبار السكان على الخروج منها.

القدس - استمرت حركة النزوح من مدينة غزة مع تكثيف هجمات الجيش الإسرائيلي الذي قدر عدد النازحين السبت بأكثر من 250 ألف شخص على الرغم من صعوبة إيجاد مناطق آمنة أو متاحة للجوء إليها. وفيما يضغط الجيش الإسرائيلي على سكان القطاع، يتظاهر الإسرائيليون لوقف الهجوم خوفا على أرواح الأسرى لدى حماس.

وكتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي على منصة إكس أنه بحسب تقديرات الجيش “انتقل أكثر من ربع مليون من السكان والمقيمين في مدينة غزة إلى خارج المدينة حفاظا على سلامتهم“. ووفق تقديرات الأمم المتحدة، كان نحو مليون شخص يعيشون في مدينة غزة ومحيطها قبل تكثيف الجيش هجماته للسيطرة على غزة وبدء تدميره للأبراج العالية قبل نحو أسبوع.

وحثت الأمم المتحدة وأطراف أخرى في المجتمع الدولي الجيش الإسرائيلي على التخلي عن خطته للسيطرة على المدينة محذرة من أن الهجوم وعمليات النزوح الناجمة عنه ستفاقم الأزمة الإنسانية المستفحلة أصلا. في المقابل، أكّد الدفاع المدني في غزة أن عدد النازحين من غزة إلى الجنوب يقارب 68 ألفا فقط، مشيرا إلى أن الكثير من المواطنين ما زالوا متشبثين بالبقاء في حين لا يجد آخرون مكانا يقيمون فيه في الجنوب.

وقال الناطق باسم الجهاز محمود بصل إن “مزاعم الاحتلال حول نزوح ربع مليون مواطن من مدينة غزة وضواحيها إلى الجنوب، كاذبة“. وتحول القيود المفروضة على وسائل الإعلام في غزة والصعوبات في الوصول إلى العديد من المناطق من دون تمكّن وكالة فرانس برس من التحقق بشكل مستقل من الأرقام والتفاصيل التي يعلنها الدفاع المدني في غزة أو الجيش الإسرائيلي.

◙ تقديرات الجيش تشير إلى انتقال أكثر من ربع مليون من السكان والمقيمين في مدينة غزة إلى خارج المدينة خوفا من القصف

من جهته، قال المدير العام لمستشفى الشفاء الطبي محمد أبوسلمية لفرانس برس، إن حركة النزوح لا تزال مستمرة داخل مدينة غزة من الشرق إلى الغرب. وتابع “هناك عدد قليل ممّن خرجوا إلى جنوب قطاع غزة لعدم توفر أماكن في غرب مدينة غزة.. حتى أولئك الذين يفلحون في الفرار إلى الجنوب غالبًا لا يجدون مكانًا للإقامة، فمنطقة المواصي ممتلئة تمامًا ودير البلح مزدحمة أيضًا“.

وأضاف أبوسلمية أن الكثيرين عادوا إلى مدينة غزة بعدما فشلوا في تأمين مأوى أو خدمات أساسية في ظل الوضع الكارثي. وأوضح قائلا “بعد انتهاء الاحتلال من قصف المدارس والبيوت والأبراج والخيام، يعود المواطنون إلى نفس المناطق وينصبون خيامهم من جديد، فالمواطنون متثبتون بمدينة غزة“.

وقال بكري دياب (35 عاما) الذي كان نازحا من الشمال إلى غرب مدينة غزة، وقد نصب خيمته في مواصي خان يونس في جنوب قطاع غزة “القصف مستمر هنا أيضا، فالجنوب ليس مكانًا آمناً كما يدّعي الاحتلال.. كل ما فعلوه هو دفع الناس للتكدّس في أماكن بلا مقوّمات حياة، بلا خدمات.. وبلا أمان أيضا“.

وأفاد الدفاع المدني في القطاع عن مقتل اثني عشر فلسطينيا منذ فجر السبت في عمليات قصف إسرائيلي، وذلك غداة إعلانه عن مقتل 50 شخصا على الأقل في مختلف أنحاء القطاع المحاصر والمدمّر جراء الحرب المستمرة منذ 23 شهرا. وأعلن الجيش الإسرائيلي أنّه يريد السيطرة على مدينة غزة معتبرا أنها تشكّل آخر معاقل حركة حماس في القطاع. والسبت، ألقت الطائرات الإسرائيلية منشورات تدعو سكان الأحياء الغربية في كبرى مدن القطاع، لمغادرتها. بينما أفاد الدفاع المدني عن استمرار الغارات الجوية.

وجاء في المنشور أنّ الجيش “مصمّم على حسم (المعركة مع) حماس في كل مكان وسيعمل ضدها أيضا في مدينة غزة بقوة كبيرة“. وأضاف “في هذه المرحلة شارع الرشيد مفتوح ويمكن الإخلاء عبره إلى المنطقة الإنسانية في المواصي (جنوب)… من أجل سلامتكم أخلوا فورا“. غير أنّ منطقة المواصي تتعرّض لقصف مدفعي كثيف بشكل متكرّر. ويقول الفلسطينيون إن لا مكان فيها لنصب خيام إضافية. واضطرت الغالبية العظمى من سكان القطاع الذين يزيد تعدادهم على مليوني نسمة، للنزوح خلال الحرب.

وكانت القوات الإسرائيلية دمّرت عدّة أبراج سكنية في مدينة غزة في الأيام الأخيرة، حيث قال الجيش إنّه ينوي “تكثيف وتيرة ضرباته محددة الأهداف… لإلحاق ضرر بالبنية التحتية الإرهابية لحماس… وتقليل التهديد الذي تشكله قواتها“. وفي إسرائيل، تظاهرت عائلات الأسرى، السبت، على طريق بيغين، قرب مقر وزارة الدفاع بتل أبيب، متهمين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بأنه “يضحي بذويهم لصالح مستقبله السياسي“.

◙ الدفاع المدني في غزة يؤكد أن عدد النازحين من غزة إلى الجنوب يقارب 68 ألفا فقط وأن الكثير من المواطنين ما زالوا متشبثين بالبقاء

وأفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، بأن ذوي الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة، جددوا مطالبتهم للرئيس الأميركي دونالد ترامب، بالضغط على نتنياهو لإبرام صفقة تفضي إلى الإفراج عن ذويهم ووقف الحرب. وتؤكد المعارضة مرارا أن نتنياهو يعمل على استمرار الحرب في غزة، ويرفض مقترحات التهدئة لتحقيق مصالحه السياسية، لاسيما استمراره بالسلطة، استجابة للجناح اليميني الأكثر تطرفا في حكومته والرافض لإنهاء الحرب.

ونقلت الصحيفة عن عومري ليفشيتز، ابن الأسيرة المحررة عوديد ليفشيتز، قوله موجها خطابه لترامب خلال المظاهرة “سيدي.. أنت الوحيد القادر على إنهاء الحرب ونطلب منك أن تأمر نتنياهو لينهيها“. وأضاف ليفشيتز “نتنياهو يبذل قصارى جهده لتخريب كل اتفاق، وكلما سنحت فرصة للتوصل إلى اتفاق وإنهاء هذه الحرب، يحرص على تفجيرها. هذه المرة، فجّر المفاوضات بيديه حرفيا“.

من جانبها، قالت عيناف تسنغاوكر، والدة الأسير ماتان تسنغاوكر إن “الضغط الشعبي فقط هو الذي سيجبر نتنياهو على التوصل إلى اتفاق شامل لإطلاق سراح المختطفين،” وفق ما نقلته صحيفة “يديعوت أحرونوت“. وتابعت “نتنياهو يضحي بالمختطفين (الأسرى) على مذبح نجاته السياسي، ومن يريد إعادة المختطفين لا يقوم بقصف من يفاوضهم، ويرفض صفقة شاملة تعيد كل المختطفين“.

واستطردت “نتنياهو يهدد دولتنا ويرسل الجنود لكمائن الموت من أجل مستقبله السياسي، ويحكم علينا بحرب أبدية“. وفي 3 سبتمبر الجاري، أطلق الجيش الإسرائيلي عدوانا باسم “عربات جدعون 2” لاحتلال مدينة غزة بالكامل (شمال)، ما أثار انتقادات واحتجاجات في إسرائيل، خوفا على حياة الأسرى والجنود.

وتقدر تل أبيب وجود 48 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها أكثر من 10 آلاف و800 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، قتل العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.

ومرارا، أكدت حركة حماس، استعدادها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين “دفعة واحدة”، مقابل إنهاء حرب الإبادة وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة والإفراج عن أسرى فلسطينيين، لكن نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، يتهرب عبر التمسك باستمرار احتلال غزة.

3