إسرائيل تفتح مسارا مؤقتا لخروج سكان مدينة غزة مع تصاعد وتيرة القصف

السعودية تندد بعمليات توغل القوات الإسرائيلية في مدينة غزة فيما تدعو فرنسا إلى استئناف المفاوضات في أسرع وقت.
الأربعاء 2025/09/17
نزوح جديد إلى المجهول

القدس - أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم الأربعاء فتح طريق إضافي لمدة 48 ساعة يمكن للفلسطينيين استخدامه لمغادرة مدينة غزة فيما يكثف جهوده لإخلاء المدينة من المدنيين ومواجهة الآلاف من مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).

ويلوذ مئات الألوف من السكان بالمدينة، ويحجم كثيرون عن الانصياع لأوامر إسرائيل بالتحرك جنوبا بسبب المخاطر على امتداد الطريق والظروف الصعبة ونقص الغذاء في المنطقة الجنوبية والخوف من النزوح الدائم.

وقال مُدرس يدعى أحمد في اتصال هاتفي "حتى لو بدنا ننزح من غزة، هل في أي ضمانة انه راح نقدر نرجع لها تاني؟ هل ممكن الحرب تنتهي؟ مشان هيك أنا بفضل أموت هنا في الصبرة الحي تبعي".

وقالت السلطات الصحية المحلية إن 30 شخصا على الأقل قتلوا اليوم بأنحاء القطاع في أحدث غارات إسرائيلية، منهم 19 في مدينة غزة.

بعد يوم من إعلان إسرائيل بدء هجوم بري للسيطرة على المركز الحضري الرئيسي في غزة، تقدمت الدبابات لمسافات قصيرة باتجاه المناطق الوسطى والغربية للمدينة من ثلاثة اتجاهات، لكن لم ترد أنباء عن تقدم كبير.

وقال مسؤول إسرائيلي إن العمليات العسكرية تركز على دفع المدنيين للتوجه جنوبا وإن من المتوقع أن تدور معارك ضارية خلال الشهر أو الشهرين المقبلين.

وأضاف المسؤول أن إسرائيل تتوقع بقاء نحو 100 ألف مدني في المدينة وأن تستغرق السيطرة عليها شهورا مع احتمال تعليق العملية إذا تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار مع حركة حماس.

وتبدو احتمالات وقف إطلاق النار بعيدة بعد هجوم إسرائيل في الآونة الأخيرة على القيادات السياسية لحماس في الدوحة، مما أثار غضب قطر، الوسيط المشارك في محادثات وقف إطلاق النار.

وفي تحد للانتقادات العالمية للهجوم، بما في ذلك توبيخ الولايات المتحدة الحليف القوي لإسرائيل، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل ستستهدف قيادات حماس أينما كانوا.

وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو خلال زيارته للدوحة الثلاثاء إن وقف إطلاق النار يمكن أن يتحقق خلال "فترة زمنية قصيرة جدا"، في إشارة على ما يبدو إلى خطط إسرائيل المعلنة لسحق حماس في غزة.

وأعلن الجيش الإسرائيلي في منشورات أسقطها جوا على مدينة غزة أن بمقدور الفلسطينيين سلوك شارع صلاح الدين بعد إعادة فتحه للهروب صوب الجنوب.

وجاء في المنشور "إعلان هام إلى سكان مدينة غزة وأحيائها، يعلن جيش الدفاع أنه ومن أجل تسهيل الانتقال جنوبا يتم فتح مسار انتقال مؤقت عبر شارع صلاح الدين سيتاح لكم الانتقال عبر شارع صلاح الدين وثم مواصلة التحرك جنوبا من وادي غزة".

وأضاف المنشور "في هذه المرحلة، سيتاح الانتقال عبر هذا المسار لمدة 48 ساعة، ابتداء من اليوم (الأربعاء 17 سبتمبر 2025)... في تمام الساعة 12:00 وحتى يوم الجمعة (19 سبتمبر 2025) الساعة 12:00".

وجاء في المنشور "يجب الانتقال فقط عبر الشوارع المحددة باللون الأصفر على الخريطة كمسار للانتقال جنوبا. التزموا تعليمات قوات الأمن وإشارات المرور".

لكن الوضع ظل فوضويا وخطيرا على المدنيين الذين حاولوا الفرار في الأيام القليلة الماضية سيرا على الأقدام أو على عربات تجرها الحمير أو في مركبات.

وتعرضت أغلب المناطق في مدينة غزة للدمار في بداية الحرب في 2023، لكن نحو مليون فلسطيني عادوا إلى هناك لمنازلهم المدمرة وسط الأنقاض. وسيعني إجبارهم على الخروج حصر أغلب سكان القطاع المكتظ في مخيمات في الجنوب تتكشف فيها أزمة جوع طاحنة.

نددت السعودية في بيان صادر عن وزارة الخارجية اليوم الأربعاء "بأشد العبارات" بالعملية البرية الإسرائيلية في مدينة غزة، وذلك بعد يوم من شن إسرائيل هجوما بريا على المدينة.

وقالت وزارة الخارجية في البيان "تعرب وزارة الخارجية عن إدانة المملكة العربية السعودية بأشد العبارات لعمليات توغل قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، ومواصلتها ارتكاب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني الشقيق، في ظل تقاعس المجتمع الدولي عن اتخاذ إجراءات فعلية تضع حدا لهذا النهج الإجرامي القائم على انتهاك القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني".

كذلك، دانت الخارجية البريطانية الخطوة الإسرائيلية "المتهوّرة والمروّعة" التي اعتبرتها برلين أيضا "في الاتجاه الخاطئ تماما".

ودانت فرنسا الهجوم البري الإسرائيلي، ودعت حكومة نتنياهو إلى "وضع حدّ لهذه الحملة التدميرية التي لم يعد لها أيّ منطق عسكري".

كما دعت باريس إلى "رفع جميع القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة فورا".

وبدوره، دان ملك إسبانيا فيليبي السادس "المعاناة التي تفوق الوصف لمئات آلاف الأبرياء" في غزة و"الأزمة الإنسانية التي لا تحتمل".

ونددت الأمم المتحدة ووكالات إغاثة وحكومات أجنبية بالهجوم الإسرائيلي وما يترتب عليه من نزوح جماعي.

وخلصت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة الثلاثاء إلى أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية في قطاع غزة. وتصف إسرائيل تلك النتيجة بأنها "شائنة" و"مزيفة".

تسيطر قوات إسرائيلية على الضواحي الشرقية لمدينة غزة وتقصف ثلاث مناطق في الجنوب الشرقي والشمال والشمال الغربي على ساحل المدينة حيث تتقدم الدبابات إلى وسطها وغربها.

وقال أحمد "غزة عماله بتنمسح، المدينة إللي عمرها آلاف السنين بتنمسح على مرأى من كل العالم الجبان".

ويقول فلسطينيون ومسؤولون في الأمم المتحدة إن ليس هناك مكان آمن في القطاع بما في ذلك المنطقة الجنوبية التي حددت إسرائيل أنها "منطقة إنسانية". وأمس الثلاثاء، قتلت ضربة جوية خمسة في مركبة وهم يغادرون مدينة غزة صوب الجنوب.

وفي مخيم النصيرات وسط القطاع، دمرت غارة جوية بناية متعددة الطوابق اليوم الأربعاء مما دفع السكان في بنايات قريبة للفرار في هلع.

قال المكتب الإعلامي في قطاع غزة الذي تديره حركة حماس إن إسرائيل دمرت وألحقت أضرارا بنحو 1600 مبنى سكني منذ العاشر من أغسطس آب عندما أعلن نتنياهو نية إسرائيل السيطرة الكاملة على القطاع.

وأضاف أن القوات الإسرائيلية دمرت أيضا 13 ألف خيمة في مدينة غزة كانت تؤوي نازحين.

وتقدر إسرائيل أن 40 بالمئة ممن كانوا في مدينة غزة في العاشر من أغسطس غادروها الآن. ويقول المكتب الإعلامي للقطاع إن 190 ألفا توجهوا للجنوب و350 ألفا اتجهوا لمناطق في وسط وغرب المدينة.

وتشير إحصاءات إسرائيلية إلى أن الهجوم الذي قادته حركة حماس على إسرائيل في أكتوبر تشرين الأول 2023 أدى إلى مقتل 1200 واحتجاز 251 رهينة.

وتقول سلطات الصحة في قطاع غزة إن الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة على القطاع منذ ذلك الحين قتلت أكثر من 64 ألفا.