إسرائيل تصادق على مخطط استيطاني جديد شرق قلقيلية رغم التحذيرات الدولية

المخطط يقضي بمصادرة 35.31 دونما من أراضي كفر قدوم لبناء 58 وحدة جديدة لصالح مستعمرة "متسبي يشاي".
الأحد 2025/10/05
توسع استيطاني يقوض جهود حل الدولتين

رام الله - أفاد مسؤول فلسطيني اليوم الأحد بأن السلطات الإسرائيلية صادقت على "مخطط استعماري جديد يستهدف الاستيلاء على 35 دونما من أراضي قرية كفر قدوم شرق قلقيلية بالضفة الغربية".

ويشير هذا القرار إلى استمرار سياسة التوسع الاستيطاني الإسرائيلية، متجاهلا الإدانات الدولية والتحذيرات الإقليمية المتزايدة، بما في ذلك التلويح بانهيار جهود التطبيع في المنطقة.

ونقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) عن مسؤول ملف الاستيطان في محافظة قلقيلية منيف نزال قوله إن "الاحتلال نشر عبر الإعلام العبري، مخططا يقضي بالاستيلاء على 35.31 دونما من أراضي القرية، تقع في الحوض رقم 10 بمنطقة "واد بروص" شمالي القرية.

وأوضح نزال أن "المخطط يهدف إلى بناء 58 وحدة استعمارية جديدة لصالح مستعمرة "متسبي يشاي"، المقامة على أراضي القرية".

ويأتي هذا التوسع ليضيق الخناق أكثر على أهالي كفر قدوم، ويقوض أي أفق لحل الدولتين الذي تعارضه وتنسفه المشاريع الاستيطانية المستمرة.

وجاءت هذه المصادقة في وقت تتصاعد فيه اعتداءات المستوطنين على أهالي كفر قدوم، خاصة في الجهة الشمالية من القرية التي تشهد بشكل أسبوعي مواجهات احتجاجية ضد مصادرة الأراضي وإغلاق الطرق.

وتتعرض القرية منذ أعوام لسياسات متواصلة من قبل إسرائيل تهدف إلى تضييق الخناق على سكانها ودفعهم نحو التهجير، إلى جانب الاستيلاء على المزيد من أراضيها لخدمة مشاريع التوسع الاستيطاني.

 وسبق أن صادقت إسرائيل على مخططات استيطانية تضرب مساعي تجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض، وسط تنديد فلسطيني وعربي بقرار جديد يفصل القدس الشرقية عن الضفة الغربية المحتلة.

ويتزامن الكشف عن هذا المخطط الاستيطاني الجديد مع تحولات دبلوماسية وإقليمية ودولية حساسة، تؤكد أن ملف الاستيطان لم يعد مجرد قضية فلسطينية إسرائيلية داخلية بل أصبح عنصرا مزعزعا للاستقرار الإقليمي.

وشكلت التحذيرات الصارمة الصادرة عن الإمارات نقطة تحول في التعامل الإقليمي مع ملف الاستيطان، فقد أعلنت الإمارات بوضوح أن أي خطوة إسرائيلية نحو ضم الضفة الغربية بشكل رسمي سيشكل "خطا أحمر" بالنسبة للدولة الخليجية.

وأكدت أبوظبي أن مثل هذا الإجراء سيقوض بشدة ما تنطوي عليه اتفاقيات إبراهيم، التي طبعت بموجبها العلاقات مع إسرائيل عام 2020، ما يضع مستقبل هذه الاتفاقيات على المحك ويهدد بتجميد مساعي التوسع في التطبيع مع دول عربية أخرى.

وتصاعد زخم الاعتراف بالدولة الفلسطينية مؤخرا ليتحول إلى ضغط دولي مواز على إسرائيل، حيث شهدت الساحة الأوروبية تحديدا موجة من الاعترافات الرسمية خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، فاعترفت دول بارزة مثل بريطانيا وكندا وأستراليا وفرنسا وبلجيكا والبرتغال ولوكسمبورغ ومالطا وموناكو وسان مارينو وأندورا، ليرتفع بذلك العدد الإجمالي للدول التي تعترف بفلسطين إلى 159 من أصل 193 دولة عضوا بالأمم المتحدة.

وتعكس هذه الموجة الأوروبية من الاعترافات تنامي الإحباط الدولي بشكل واضح تجاه جمود عملية السلام واستمرار الممارسات التي تحول دون قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، كما يعزز هذا الزخم الموقف الفلسطيني الرافض بشكل قاطع للاستيطان، ويفرض مزيدا من العزلة الدبلوماسية على إسرائيل في الساحة العالمية.

ويؤدي التوسع الاستيطاني المستمر إلى تدهور متفاقم في الأوضاع الإنسانية والمعيشية للفلسطينيين، إذ تعمل المستوطنات على مصادرة الأراضي والموارد المائية وتقطيع أوصال التجمعات الفلسطينية، مما يعيق بشكل مباشر حرية الحركة والتنمية الاقتصادية.

كما يتسبب هذا التوسع بزيادة الاحتكاك والمواجهات اليومية بين المستوطنين المتطرفين والسكان الفلسطينيين، الأمر الذي يغذي دائرة العنف ويصعّد من التوتر الأمني في المنطقة، خاصة في القرى والبلدات الملاصقة للمستوطنات مثل كفر قدوم.

يظل الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة منذ عام 1967 غير شرعي بموجب القانون الدولي، ويشكل عقبة رئيسية وكأداء أمام تحقيق سلام عادل ومستدام، إذ تعتبر الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وعدد كبير من دول العالم هذه المستوطنات انتهاكا صريحا لقرارات مجلس الأمن الدولي، وتحديدا القرار 2334.

وشهد عام 2024 زيادة كبيرة في وتيرة بناء المستعمرات وتوسيعها، حيث صادقت السلطات الإسرائيلية على العديد من المخططات الهيكلية لبناء أكثر من 13 ألف وحدة استيطانية في جميع أنحاء الضفة بما فيها القدس، من خلال الاستيلاء على حوالي 11.888 دونما من أراضي المواطنين الفلسطينيين.

وتقوّض المخططات الاستعمارية، مثل المخطط الأخير في كفر قدوم، الأساس الجغرافي اللازم لإقامة دولة فلسطينية متواصلة وقابلة للحياة، فإسرائيل تستمر في بناء وحدات استيطانية في عمق الضفة الغربية، مما يجعل عملية الفصل والانسحاب المستقبلي أكثر تعقيدا من النواحي اللوجستية والسياسية.

 وتشير التطورات الأخيرة إلى أن المجتمع الدولي والإقليمي قد تجاوز مرحلة الإدانة التقليدية، ليبدأ فعليا مرحلة التهديد بعواقب دبلوماسية ملموسة.

ويشكل مخطط كفر قدوم اختبارا حقيقيا لمدى استعداد إسرائيل للاستجابة للضغوط الدولية والإقليمية، أو ما إذا كانت ستواصل سياستها التي تهدد بإنهاء أي أمل في إحياء عملية سلام جادة، وتدفع المنطقة نحو مزيد من عدم الاستقرار والتوتر.