أردوغان يضاعف الرهان بتعيين منسق لقيادة الإغاثة في غزة
أنقرة - كشف مصدر في وزارة الخارجية التركية، اليوم الخميس، عن تعيين أنقرة رئيسا سابقا لإدارة الكوارث مسؤولا عن ملف المساعدات لغزة، في خطوة تشير إلى اعتزامها تكثيف دورها كضامن لوقف إطلاق النار الجديد بعد أن كانت قد انسحبت من جولات دبلوماسية سابقة.
ويعدّ هذا التعيين دليلا ملموسا على تحول في مقاربة الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي كان أحد أشد منتقدي الهجوم الإسرائيلي على غزة.
وانضم الرئيس التركي إلى جهود الوساطة هذا الأسبوع، موقعا على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب، بجانب الوسيطين التقليديين قطر ومصر.
ويأتي هذا الانخراط بعد أن ابتعد أردوغان إلى حد كبير عن المفاوضات المعقدة التي جرت خلال العامين الماضيين، مما يعكس رغبة تركية في استعادة نفوذها في الأزمة وتأكيد دورها الإقليمي الفاعل.
وقال المصدر إنه تم تعيين الرئيس السابق لإدارة الكوارث والطوارئ التركية (آفاد) محمد غول أوغلو، وهو سفير سابق أيضا، منسقا للمساعدات الإنسانية للفلسطينيين، وسافر إلى المنطقة أمس الأربعاء.
وكشف المصدر أن "تركيا تحشد جميع مواردها لإيصال المساعدات بسرعة إلى غزة وإنشاء مناطق إيواء مؤقتة وإعادة إعمار غزة"، مما يشير إلى مقاربة شاملة تتجاوز مجرد الإغاثة الطارئة لتصل إلى مرحلة التعافي.
وتتضمن مهام المنسق التركي الجديد سلسلة من المسؤوليات اللوجستية والدبلوماسية المعقدة.
وأضاف المصدر أن غول أوغلو سيجري جولات للتعرف على مواد الإغاثة اللازمة في غزة وتحديد الأولويات بالنسبة لها والتنسيق مع وكالات الأمم المتحدة وضمان إيصال المساعدات من تركيا دون عوائق.
ولا تقتصر مهامه على غزة، بل تشمل التشاور مع المسؤولين المصريين والأردنيين بشأن نقل المساعدات عبر معابرهم، والعمل على إجلاء الجرحى وتكثيف الدعم الطبي التركي للقطاع المحاصر.
ولم يتوقف الطموح التركي عند الدعم الإنساني والإشراف اللوجستي، بل امتد ليشمل البعد الأمني لوقف إطلاق النار.
وأعلنت أنقرة في وقت سابق أنها ستشارك بفعالية في قوة عمل دولية لمراقبة تنفيذ اتفاق الهدنة، على الرغم من أن التفاصيل العملياتية لهذه المشاركة لم يتم الانتهاء منها بعد.
وفي تصريح يعكس الجاهزية التركية الكاملة أكدت وزارة الدفاع التركية أن قواتها المسلحة "مستعدة للمشاركة في قوة العمل بصفة عسكرية أو مدنية حسب الحاجة".
وكان الرئيس التركي قد أكد، الخميس الماضي أن بلاده ترغب في المشاركة في أي "بعثة" لمراقبة تطبيق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في غزة.
ويشكل هذا التحرك التركي نقطة فارقة في الديناميكيات الإقليمية، خاصة بعد فترة من التوتر السياسي بين أنقرة وبعض الأطراف المنخرطة في الصراع.
ومن خلال التوقيع على خطة ترامب واستعدادها لإرسال قوات للمراقبة، تسعى تركيا إلى تأكيد موقعها كقوة إقليمية لا يمكن تجاوزها في أي ترتيبات مستقبلية لقطاع غزة.
ويؤكد تعيين شخصية رفيعة مثل محمد غول أوغلو، بخلفيته في إدارة الأزمات والدبلوماسية، أن تركيا مستعدة لاستثمار ثقلها البشري والمؤسسي لضمان نجاح اتفاق وقف إطلاق النار وتسهيل عملية إعادة الإعمار، مما يفتح فصلا جديدا في دورها الدبلوماسي والإنساني في المنطقة.