أرامكو تعيد توجيه إستراتيجيتها نحو صناعة الكيماويات

توجه الشركة الجديد يأتي في إطار سعيها لتعزيز القيمة المضافة من النفط الخام وتوسيع حضورها في سلاسل الإنتاج ذات العوائد المرتفعة.
الاثنين 2025/10/13
نظرة ثاقبة إلى المستقبل

لندن - تعكف شركة أرامكو السعودية العملاقة على إعادة توجيه إستراتيجيتها نحو قطاع صناعة الكيماويات، باعتباره ركيزة واعدة للنمو المستدام، في ظل التحولات العالمية في أسواق الطاقة ومساعي التنويع الاقتصادي.

ويأتي هذا التوجه في إطار سعيها لتعزيز القيمة المضافة من النفط الخام وتوسيع حضورها في سلاسل الإنتاج ذات العوائد المرتفعة، بما يتماشى مع رؤيتها المستقبلية وإستراتيجياتها للتكيف مع التغيرات الاقتصادية والبيئية على الصعيدين المحلي والدولي.

وقال أمين الناصر رئيس الشركة وكبير إدارييها التنفيذيين بمنتدى إنيرجي إنتلجنس في لندن الاثنين إن الشركة “تريد توسيع أعمالها في مجال الكيماويات،” وذلك في الوقت الذي تقوم فيه شركات نفط كبرى أخرى مثل شل وإكسون بمراجعة أو إغلاق مصانعها.

أمين الناصر: رغم الانكماش، فإن المواد الكيميائية مجال رئيسي للنمو
أمين الناصر: رغم الانكماش، فإن المواد الكيميائية مجال رئيسي للنمو

وأضاف “على الرغم من الانكماش الحالي، لا تزال المواد الكيميائية مجالا رئيسيا للنمو في الأجل الطويل، بفضل نقاط قوتنا المؤكدة في كل من المواد الأولية والتحويل.”

وأكد أن أرامكو بإمكانها الحفاظ على طاقتها الإنتاجية البالغة 12 مليون برميل يومياً لمدة عام كامل دون أي تكلفة إضافية، ما يُكرّس مكانتها كمورد موثوق لإمدادات الطاقة العالمية.

وتلقت الشركة مطلع العام الماضي توجيهاً رسمياً من وزارة الطاقة في السعودية يقضي بالمحافظة على مستوى الطاقة الإنتاجية القصوى المستدامة عند 12 مليون برميل يومياً، وعدم رفعها إلى 13 مليون برميل كما كان مخططا له سابقاً.

وتُحدّد هذه الطاقة القصوى المستدامة من قبل الدولة وفقاً لنظام المواد الهيدروكربونية في البلاد. وقال الناصر إن “تكلفة الاستخراج في أرامكو لبرميل النفط المكافئ تبلغ دولارين ولبرميل الغاز المكافئ تصل إلى دولار.”

وبلغ إجمالي إنتاج أرامكو من النفط 10.45 مليون برميل يومياً في الربع الثاني من العام الجاري، بزيادة طفيفة عن الربع الأول، ونحو 3 في المئة أعلى من الفترة نفسها من العام الماضي، بحسب التقرير المالي للشركة.

التأجيلات تشكل أحدث مثال على تريث السعودية في الإنفاق على المشاريع طويلة الأجل، في ظل الخطط الاستثمارية الضخمة الرامية إلى تنويع الاقتصاد

ويتزامن ذلك مع استمرار الشركة في ضخ استثمارات كبيرة في قطاع الطاقة، إذ سجّل الإنفاق الرأسمالي 12.5 مليار دولار، بارتفاع 1.5 في المئة على أساس سنوي، خصص منه 9.2 مليار دولار لقطاع التنقيب والإنتاج.

وتأتي تصريحات الناصر بعد أيام من إعلان أرامكو عن الاستحواذ على حصة إضافية في شركة رابغ للتكرير والبتروكيماويات (بترو رابغ) بقيمة 702 مليون دولار.

وقبل أيام كشفت مصادر مطلعة لبلومبيرغ أن الشركة تتمهل في تنفيذ ثلاثة مشاريع توسعة بقطاع الكيماويات محلياً، وسط ضغوط على الإنفاق بسبب تراجع أسعار النفط، في وقت تُعطي فيه الأولوية للاستثمارات الدولية، وفقاً لأشخاص مطلعين على الوضع.

ووفق المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هوياتها، تتريث الشركة في بدء الأعمال الهندسية والتصميمية الرئيسية في هذه المنشآت. وذكر أحد المصادر أن هذه التأجيلات تهدف إلى توزيع الإنفاق، في ظل وجود متطلبات استثمارية أكثر إلحاحاً.

وتشكل التأجيلات أحدث مثال على تريث السعودية في الإنفاق على المشاريع طويلة الأجل، في ظل الخطط الاستثمارية الضخمة الرامية إلى تنويع الاقتصاد، ووسط انخفاض أسعار النفط. ما دفع الحكومة وأرامكو إلى زيادة الاقتراض.

الشركة تعطي الأولوية للاستثمار في المنشآت الدولية، لأنها أكثر تقدما، وأيضا لأنها تقع بالقرب من مراكز الطلب الكبرى

وتراجعت أسعار النفط في لندن بنحو 12 في المئة العام الجاري إلى متوسط 66 دولاراً للبرميل، أي أقل بكثير من 94 دولاراً التي تُقدّر بلومبيرغ إيكونوميكس أن المملكة تحتاجها لموازنة ميزانيتها.

وانعكس هذا التراجع أيضاً على أرامكو، التي سجّلت عشرة فصول متتالية من انخفاض الأرباح.

وتندرج المشاريع المؤجلة التي تتضمن مشروعين مشتركين في ينبع على الساحل الغربي من البحر الأحمر، إلى جانب منشأة أخرى في الجبيل على الساحل الشرقي المطل على الخليج، ضمن مساعي الشركة لتحويل النفط الخام مباشرة إلى منتجات كيميائية.

وكانت أرامكو قد جمّدت في وقت سابق مشروعاً مشتركاً مع شركة إنتاج الكيماويات سابك لبناء مشروع جديد لتحويل النفط الخام في رأس الخير على الخليج العربي.

وتُعطي الشركة الأولوية للاستثمار في منشآت التكرير والكيماويات الدولية، لأنها أكثر تقدماً، وأيضاً لأنها تقع بالقرب من مراكز الطلب الكبرى في الصين وكوريا الجنوبية.

ويُتوقّع أن يستمر الطلب على الكيماويات، المستخدمة في صناعة المنتجات البلاستيكية، في التوسع لعقود، حتى مع توقع أن تُبطئ التحوّلات في قطاع الطاقة نموّ الطلب على وقود النقل مثل البنزين.

وتُسهم الخطط الخارجية في إحراز أرامكو تقدماً نحو هدفها المتمثل في تحويل 4 ملايين برميل يومياً من الخام إلى بتروكيماويات في نهاية المطاف.